ما زال منظر الرجلين اللذين تصافحا بالأرجل في الصين عالقاً في أذهان البعض، وظهر آخرون في العالم مقلدين لهما في إشارة إلى العادات الاجتماعية والتخلي عنها في مقابل عدم نقل العدوى في إطار ساخر ومثير. في الأيام العادية سابقًا وقبل مداهمة كورونا الجديد لنا كانت المجتمعات العربية تعيش حالة من العادات الحميمة في السلام والأحضان وحب الخشوم في المناسبات ودون مناسبات. وأما الآن فينظر كل واحد منا للآخر عند لقائه وهو يحدث نفسه بالتوكل على الله والدعاء بأن تعدي طقوس هذا اللقاء بسلام ودون عدوى في محاولة لطمأنة الذات بأن الأمور ما زالت بخير، ولكن مع خليط من مشاعر الخوف والرجاء والنظرات المبتسمة التي تقول لك: خايف؟! ومجتمعاتنا العربية تستغل كل إجازة تقريبًا لعمل مناسبة اجتماعية بسبب وبغير سبب، وتكمن الحقيقة في العلاقات والأواصر القوية بيننا التي تربينا عليها دينيا واجتماعيا عبر التاريخ. تصحو على دعوة للعشاء وتمسي ممنياً نفسك بحفلة شواء على الغداء، هذا غير الخطوبة والملكة والشبكة والزواج وليلة الحِنة وغيرها من مناسبات الأفراح وأخرى من الأتراح. دعونا ننزع قناع السخرية واللامبالاة ونتعامل بجد مع هذا الوباء المجنون الذي يقفز من بلد إلى بلد ومن عطسة إلى وجه بريء ومن قبلة إلى أخرى، كفانا مجاملة الآن، ولنقف أمام هذا الشبح ومن ثم نعود لأحضان بعض من جديد. التكيف الفردي والاجتماعي والانصياع للتدابير الجديدة في مواجهة تغييرات فرضتها علينا الحياة يدل على وعينا بما تمليه علينا عقولنا بعيدا عن العواطف، فقط لفترة معينة. فهذه وزارة التعليم في وطننا الغالي تتكيف مع الظروف لتنقل التعليم إلى المنازل الآمنة عن طريق التعليم عن بعد، في خطوة تعليق المدارس، مع جهود كبيرة وحقيقية من الحكومة لتجنيبنا هذا الوباء. فلا ينبغي أن ننتظر الحكومة تتخذ كل هذه الإجراءات والخطوات الجادة لحمايتنا ونحن لا نقدم ولا نؤخر في اتخاذ قرارات على مستوى «بوسة» أو «حضن» لصديق أو زميل عمل.