ما الشعور الذي جعل الإنسان يرى للمرة الأولى، وما الشعور الذي جعل الإنسان ينظر للمرة الأولى؟ يُمارس أحدهم النظر كشريان يسري في جسده، بينما يمارس الآخر الرؤية كمن يُربت على كدمة. حينما ينظر المرء يدرك أنه لا توجد طريقة تعيد النظر إلى الداخل، والرؤية هي أن تخرج البصر على اللحظة التي تود نسيانها. قد يدخلك النظر في إيمانات الآخرين، أشبه بمن يفرض على البقية أن يغيّروا نظرتهم لنظرته، بينما تأبه الرؤية بأن الجميع يحصل على رؤى مختلفة، في حين يكتفي المرء بأن ينظر إلى ما يظهر على الإنسان، يحاول أحدهم بالرؤية أن يؤول داخله، النظر يُولّد الاتكاء على الشكّ. النظر لا ينتهي، نحن فقط نستيقظ في منتصفه، يفزع المرء حينما يدرك أنه لم يعد إليه ما ينظر إليه. بينما يستمر بالرؤية، الرؤية لا تنضج، من يصعب عليه اختيار جهات نظره، لا يدرك أن الرؤية لم تُخيّر أحدا!، ينظر الطفل إلى الشبح أسفل السرير، وترى الأم أن الشبح داخل رأسه، وهذه الفكرة مرعبة أكثر. المفزع في الرؤية، أنك غير قادر على الإشاحة ببصرك، قد يفوتك كثير نتيجة التفافك لرؤية السبب، عندما يشد انتباه الجميع النظر للأمام، قد تلغى النظرة برؤية أخرى، فالرؤية لا تشترط دائما النظر بمنطقية، إلى الخارج والداخل، لا تنسى أن البصر قد يتخذ منطقين، قد تبصر جميع الأشياء دون أن تتجرأ على الوقوف في نظرك، يتم التعبير بالنظر لجمع الكلام الذي لم يُقل، وبالرؤية يترك الكلام الذي قيل والذي لمْ يُقل، أحدهم بنظرة أولى يزهق بها صمته وهدوءه، والرؤية دائما تكون في مصلحة الدهشة، فالنظر يبنى على الجهل ومحاولة المعرفة، على عكس الرؤية، فهي بمثابة قائد يعرف الطريق، ولن نتوقف عن المشي خلفه كظل له!. نظرٌ في الداخل ونظرٌ في خارج، لا أحد يُبصر المنتصف كما تفعل الرؤية، عند اكتمال النظر والإدراك، فقط وقتها تعرف أنك بالسابق لا تعرف شيئا، ولكن كلما تأملت بالرؤية أمرا ما، سيكون لتفسيره النصيب نفسه من الوجود.