هل تتخيل أن يصبح مركز مدينتك خاليا بلا سيارات، لدرجة أنك تحتاج كي تذهب إلى وسطها أن تستقل الدراجة الهوائية؟. لا شأن لي بتخيلك، مصطحبا أم العيال على «السيكل»، ذاهبا للتمشية هناك! هكذا فعلت دول كإسبانيا والدنمرك، فقد فرغت منتصف بعض مدنها كمناطق آمنة بلا سيارات وتلوث. في رأيي أن للمدن أرواح نابضة، وقلب حيوي يقع في المنتصف غالبا، ومنه تمتد شرايينها إلى بقية أرجائها لتهبها الحياة. حين تخرج من منزلك، أنت تدخل في المدينة بمعناها العميق الحالم، لذلك ترتبط بالأماكن والحدائق، وكل تفاصيلها الصغيرة حتى بمطباتها!. المحزن أن تخطيط مدننا أتى كحال المراهق الذي يخجل من سيارة والده القديمة، وقرر أن يرميها بعيدا خارج المدينة! حتى بات وجه المدن شاحبا أسمنتيّا، بعد إهمال أقدم الأماكن، حتى باتت بيئة خصبة للعمالة الهاربة، لأن أحدهم في أمانة منطقة ما لا يرى أهمية للتاريخ، والمحافظة عليه، وانطلق في التحديث والتطوير شمالا! نحن الآن لا نستطيع أن نفرّغ قلب المدن من السيارات، لأنه لم يعد لدينا منتصف. فالمدن صممت لتكون طرقات للسيارات، ربما بعشرة مسارات، استجابة لنداءات الزحمة المرورية، وتجاهلت إحياء ثقافة، أن تكون لديك ساحات بأقدم نقطة في مدينتك أو قريتك، وأرصفة تحيط بها حديقة ونوافير ماء وأشجار خضراء خضراء، لأن لدينا أشجارا في طرقاتنا شهباء تذكرك بالعطش لا الارتواء!.