عشناً مأزقاً طويلاً مع المكان العام في بلادنا منذ أن تحولت مدننا؛ كبراها وصغراها، إلى كتل أسمنتية وشوارع شاحبة تحفها الأرصفة التي يعلوها الغبار، المكان العام بكل أشكاله كان غائبا، لكننا سوف نعني هنا أبسط مفاهيمه وأكثرها احتياجا بالنسبة للإنسان، المساحات الخضراء، الحدائق التي يحتاجها الكائن البشري ليتنفس ويزيل من عينه بؤس المناظر التي يراها في أماكن أخرى، هي ليست ترفاً ولا حاجة ثانوية، لكننا حولناها إلى احتياج غائب، وحين توجد بشكل نادر فإنها تحضر بشكل بائس لا علاقة له بمعنى الحديقة أبداً، اختنقنا بما فيه الكفاية، لكن يبدو الآن أننا سننشئ علاقة جديدة وجميلة مع الحديقة الغائبة. من حق أي انسان أن يبتهج ويفخر أن تكون في عاصمة الوطن أكبر حديقة في العالم بمساحاتها الخضراء الهائلة ومرافقها الفنية والثقافية والرياضية والترفيهية لكل الأعمار، هكذا دفعة واحدة ستكون لدينا حديقة مساحتها أربعة أضعاف حديقة سنترال بارك في نيويورك، وخمسة أضعاف حديقة هايد بارك في لندن، هكذا ستكون حديقة الملك سلمان التي ستحول العاصمة الرياض إلى اسم على مسمى. سوف يتحقق هذا الحلم في الرياض، لكن الحلم الأكبر أن تكون حديقة الرياض مشروعاً وطنياً ينتقل بكل تفاصيله إلى المدن الأخرى بحسب مساحة كل مدينة وكثافتها السكانية. نرجو من القائمين على المشروع تغيير مفهوم أمانات وبلديات المدن عن معنى ووظيفة الحدائق التي تذهب مساحاتها المخصصة عطايا إلى النافذين أو تترك مهملة تجوبها الحيوانات السائبة. لا نريد أن نعول كثيراً على هذه الأمانات والبلديات، ولكن نرجو أن يطبق القائمون على مشروع الرياض تجربته في بقية المدن، لتتحول مدننا إلى مدن المساحات الخضراء والفن والترفيه الحقيقي.