تعود الناس في مكةالمكرمة وفي مدن الحجاز الكبيرة على التهنئة بنزول المطر بالقول «آنستكم الرحمة» حتى ولو كان المخاطب فردا، وحقا حين تهطل الأمطار على المدن فإنها تؤانسها وتبهجها وتنقي جوها وتغسل واجهات البيوت تزيل عنها الغبار ومخلفات دخان السيارات، كنت أيام زمان قبل هذه الزحمة والاكتظاظ السكاني أحب التجول بسيارتي في الشوارع بعد المطر أبتهج بمنظر البيوت والأشجار بعد أن عاد لها رونقها، يخيل لي أن الأشجار تبدو خضراء ريانة يغمرها فرح الارتواء والاغتسال. «آنستكم الرحمة» جملة مهجورة دفنها استياء الناس وتذمرهم من آثار المطر وتجمعها في حفر الشوارع والتواءات أسطحها، لم يعد الآن أحد في المدن يتبارك بالمطر أو يبارك بها، وبدلا من «آنستكم الرحمة» صرنا نقول «إيش سوت فيكم المطر» مع كل مترادفات كلمات التذمر والسخط، ولا ذنب للمطر فنحن لم نحسن البناء والتخطيط، لقلة المطر لم نعد نهتم بهطولها ولا تصريفها ولا أماكن تجمعها، وصارت مجاري تصريف الأمطار نكتة سوداء مسدودة بإهمال الصيانة والتسليك. المطر رحمة وإنعاش وتنقية وبإهمالنا حولناها إلى إزعاج و«طرطشة» وإغلاق للمدارس وتعطيل للحياة، وصارت آنستكم الرحمة إلى كلمة عزاء «جات المطر عساكم ما تضررتم» رحماك يا رب.