تشهد أروقة المنازل في كافة مدن المملكة حالة من الاستنفار لاستقبال اختبارات نهاية العام وأخذ الاحتياط لتوفير دروس خصوصية لأبنائهم، مما دفع بعض المعلمين والمعلمات لاستغلال حاجة الأسر بشروط يضعها المعلم تتفاوت بين توفير مبالغ مالية حسب الطلب، وتخصيص الأماكن المناسبة له لأداء الدرس. ويرى طالب بالمرحلة الثانوية عبدالله العشري أن الدروس الخصوصية يسعي لها كافة الطلاب مع ظهور طرق جديدة للتواصل مع معلمي الدروس الخصوصية، بطريقه تلفت أنظار الطلاب وتعتبر خدمة مجانية لتوصيل أرقام المعلمين إلى منازل الأسر، مؤكدا أنه استلم عددا من الرسائل على جهازه المحمول عن طريق رسائل sms دون معرفة مصدرها وتحمل أرقاما مختلفة لمعلمين يعطون دروسا في تخصصات مختلفة وبمبالغ مرتفعة، حيث إن مادة الرياضيات تجاوز سعر تدريسها 3 آلاف ريال والفيزياء والكيمياء 2500 ريال. وأرجع اللجوء للدروس الخصوصية إلى عدم مقدرة المعلمين توصيل المعلومات لطلابهم داخل الفصول الدراسية، إلى جانب بحث بعض المدارس الأهلية عن الكسب المادي دون تأدية رسالتها المفترضة أو الشعور بحجم المسؤولية، موضحا أنه مع اقتراب العد التنازلي لموعد الاختبارات النهائية للفصل الدراسي الثاني يستغل معلمو الدروس الخصوصية حاجة أبناء الأسر المحدودة الدخل في رفع أسعار الحصة الواحدة من 350 - 480 ريالا ومع ذلك لا يغطي كافة دروس المنهج مما يدفع الطالب إلى إحضار المعلم أكثر من حصة. ويوافقه الرأي سعيد القحطاني الذي يتذمر من الإعلانات الملصقة على باب شقته بالعمارة السكنية التي يقطن بها، موضحا أن هذه الملصقات تحتوى على أرقام لمعلمين ومعلمات يعطون دروسا خصوصية في كافة المواد، مستغربا من جرأة بعضهم بالصعود للعمائر السكنية وتعليق الملصقات على أبواب شقق الأسر. وأضاف القحطاني أن رغبته في حصول ابنه في المرحلة الثانوية على مجموع يمكنه من دخول الكلية التي يرغب في دخولها، أجبره على الاستعانة بهذه الملصقات والاتصال بالأرقام المدونة مما أشعره بصدمة بعدما اكتشف أن معظم معلمي الدروس الخصوصية رفعوا أسعارهم، حيث أصبحت الحصة تصل 400 ريال، وقيمة المنهج كامل خلال الفصل الثاني تتجاوز 3500 ريال، مشيرا إلى أن الدروس الخصوصية أصبحت لها سوق سوداء دون وجود رقابة عليها من قبل الجهات المختصة. وأكد مسؤول بلجنة المدارس الأهلية بغرفة جدة (رفض ذكر اسمه) أن الأسر السعودية تتكبد دفع مبالغ مالية تتراوح ما بين 1000 - 3000 ريال لمعلمي الدروس الخصوصية، ويزداد ذلك المبلغ حسب عدد المواد وتصنيفها. مشيرا إلى أنه ليست هناك إحصائية دقيقة لحجم الأموال التي تنفق على الدروس الخصوصية سنويا لكنه توقع أن يكون رقما كبيرا. وقال مستشار العلاقات الأسرية والنفسية وتطوير الذات الدكتور سامي الأنصاري عندما نتحدث عن ظاهرة انتشار أرقام تلفونات المعلمين والتي لا يكاد يخلو مكان منها حتى وصلت بهم الجرأة لوضعها على أبواب البيوت فهذا أمر، أما الأدهى فهو ما وقفت عليه مع بعض المعلمين الذين يدرسون جميع المواد حتى وإن كانت مواد بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم، فمثلا معلم اللغة العربية يدرس رياضيات ومعلم الإسلامية يدرس كيمياء. وأشار إلى أن نسبة كبيرة من أولياء الأمور يدفعون مبالغ طائلة في أيام الاختبارات لهؤلاء المعلمين، وهناك أسر تنفق ما يعادل ثلاثة آلاف ريال فقط أيام الاختبارات لمعلمي الدروس الخصوصية ومنهم من ينفق مثل هذه المبالغ لكل مادة على حدة. وكشف أن العامل النفسي من الضروريات الهامة في أيام الاختبارات، ولا بد من الابتعاد عن معلمي الدروس الخصوصية، لأن الطالب سيرتبط في ذهنه أن النجاح مرتبط بهذا المعلم وإن لم يأخذ دروسا فمكتوب عليه الرسوب، موضحا أن التهيئة النفسية الجيدة للطالب وغرس قيمة النجاح لأجل النجاح وليس لأي هدف آخر هو أمر ضروري لبناء شخصية الطالب. وأكد الأنصاري أن الإنسان إذا اعتمد في تعليمه على الغير وتعطل لديه الإبداع سيكون ذا شخصية ضعيفة غير مؤثرة، ويقول آخرون إذا اعتاد الطالب في تعليمه على التبسيط أثناء أو قبل الاختبارات سيكون عرضة للنسيان لأن المعلومات ستكون مكثفة ووقتية وسرعان ما تتلاشى.