لم ينشأ أول متحف للحضارة الاسلامية في دولة الامارات الذي أثار قدرا كبيرا من الاهتمام خلال ترميمه لا في دبي ولا في عاصمة الدولة أبوظبي بل استضافته امارة الشارقة المعروفة محليا بأنها المركز الثقافي في المنطقة. ويختلف متحف الشارقة للحضارة الاسلامية الذي افتتحه الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الامارة عن المعالم الثقافية الاخرى في الدول المجاورة. ولا يقع المتحف في مبنى حديث صممه معماري عالمي مشهور بل داخل سوق مغطاة سابقة عمرها 20 عاما رممت بقدر كبير من الابداع. ويضم المتحف مقتنيات نادرة لا تقدر بثمن معروضة ومشروحة بأسلوب جديد رائد قد تحتذيه المتاحف الاسلامية مستقبلا. وذكرت يوريكا خميس استشاري المقتنيات الاسلامية والشرق أوسطية بادارة المتاحف في الشارقة أن مقتنيات المتحف معروضة بأسلوب يتفق مع الترتيب الزمني لمراحل الحضارة الاسلامية. وقالت يوريكا خميس "فيما يخص معارض الفن الاسلامي نقدم نظرة عامة للفنون الاسلامية حسب الترتيب الزمني من القرن الاول للاسلام حتى الفترة المعاصرة... حتى القرن العشرين. نعرض أعمالا من الخزف وأشغالا معدنية وزجاجا ونسيجا ومخطوطات طبقا للقواعد المتفق عليها للفن الاسلامي." واختيرت معروضات المتحف لا لمجرد جمالها الفني بل لصفات أخرى أيضا. فأهم ما يميز معروضات متحف الحضارة الاسلامية في الشارقة هو ما تحمله من ذكريات قديمة عن أسلوب حياة كاد يندثر وسط موجة متصاعدة من العولمة. ومن بين أهداف المتحف تذكير الجيل الجديد بأسلوب حياة وأجدادهم. وأكدت يوريكا خميس أن المتحف يديره مسؤولون من الشارقة. وقالت "هناك بالفعل أمينة محلية للمتحف أعمل معها يدا بيد. لان من المفهوم أن المتاحف التي ننشئها هنا تخص في المقام الاول شعب الشارقة لذا يجب أيضا أن يديرها أشخاص من الشارقة." وذكرت ادارة المتحف أنه يشكل حلقة وصل بين بلدان المنطقة ومرجعا لكثير من الباحثين حيث يضم مقتنيات من أكثر من بلد اسلامي تمثل الكثير من الحقب التي مر بها الاسلام عبر تاريخه منذ ظهوره في شبه الجزيرة العربية مرورا بالدولة الاموية ووصولا الى الدولة العثمانية ودولة المماليك وغيرها من الدول التي حملت كل منها طابعا خاصا ميزها عن غيرها. ويضم رواق العقيدة الاسلامية في المتحف عددا من المصاحف والمخطوطات الاسلامية والنماذج المعمارية المختلفة ومجموعة من الصور التاريخية للحج بالاضافة الى القطعة الابرز وهي كسوة الكعبة المشرفة. ويتعاون المتحف مع مجموعة من الخبراء لنقل مهاراتهم الى الجيل الجديد من مواطني دولة الامارات. وقالت عائشة راشد ديماس أمينة متحف الشارقة للحضارة الاسلامية "تعمل ادارة المتاحف بجد بالغ لتوفير هذا النوع من التدريب للمواطنين الشبان وأيضا للتعاون مع الجامعات ومؤسسات التعليم العالي." ويقع رواق العلوم الاسلامية الذي يضم عددا من النماذج لبعض الاجهزة والادوات القديمة مثل الاسطرلاب بجوار صناديق تحتوي على أزياء حديثة للنساء المسلمات تتفق مع خطوط الموضة وتراعي في الوقت نفسه قواعد الاحتشام. وكان الربط من خلال الثقافة بين حاضر الخليج الحديث وماضيه القائم على صيد اللؤلؤ قبل اكتشاف النفط هدفا طالما سعى الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة الى تحقيقه. وبعد افتتاح متحف الشارقة للحضارة الاسلامية لا شك أن هذا الهدف قطع شوطا كبيرا نحو التحقيق. وقالت منال عطايا مدير عام ادارة المتاحف بالشارقة "اذا كان يمكن أن يخرجوا (زوار المتحف) بشعور بالفخر واذا كان يمكن أن يخرجوا بشعور بالتساؤل.. بشعور بالالهام.. نكون قد أدينا عملنا