كانت إيران الدولة الجارة لبلادنا ودول الخليج العربية قبل ثورة الملالي الكهنوتية، جارة تأتي منها خيرات طيبة كالسجاد الحريري الفاخر والزعفران والتفاح، وإلى عهد ليس ببعيد كان الحجاج من إيران يتاجرون مع الناس في مدن الحج بما يحملون من فرش حريري من إنتاج أصفهان فيرزقهم الله رزقا حلالاً يساعد على أداء النسك كان حجاج إيران في زمن ما قبل الخمينية من أغنى حجاج العالم الذين يفدون لأراضينا المقدسة ويسكنون أفخر الدور، الشعب الإيراني شعب متحضر وفيه من مراكز الصناعات ومراكز البحث العلمي الشيء المعتبر. حلت الكارثة بإيران الأرض والإنسان منذ قيام الثورة الخمينية التي برعت في القتل والتشريد حتى لأول رئيس للنظام الجمهوري وأعداد من رموز إيران السياسية والعسكرية والفكرية خلاف ما جرى في بلدان أخرى خارج إيران. جاء هذا التحول الشنيع حتى إلحاق الأذى بحجاج بيت الله الحرام وفي المدينةالمنورة فكان قتل الحجاج ورجال الأمن في مكةالمكرمة سمة سيئة ومسيئة، وتتوالى الأعمال الهمجية التي مورست ضد العالم من خلال منهج تصدير الثورة وأي تصدير إنها بضاعة الموت والتفجير والدمار. ربما كان الرئيس الإيراني رفسجاني قد حاول أن يبطئ من جور العداء للجيران ومنهم السعودية، لكن يبدو أنه لم يجد مناصرة وبدا أن النهج المتبع هو إشعال الحرائق مذهبيًا وسياسيًا. وأنا أكتب هذا المقال تبادر لذهني مقارنة حال إيران اليوم مع ماضيها الطيب تعاملا ومعاملة، حيث روى الأستاذ الزميل خالد المالك رئيس تحرير هذه الصحيفة أثناء وجوده في المدينةالمنورة في مناسبة جائزة أمين مدني الأسابيع الماضية. قال إنه أثناء زيارة الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله لإيران بعد القطيعة التي سادت العلاقات، كان هو والدكتور هاشم عبده هاشم رئيس تحرير صحيفة عكاظ يتجولان في أحد الأسواق التي تبيع السجاد العجمي وأرادا شراء عدد من السجاد، وكان ما لديهما من مال هو الشيكات السياحية Travel checks . ووجدا أنها غير مقبولة في إيران، وعادا إلى المنزل، فوجدا في المنزل متجر يبيع السجاد وحاولا الشراء، لكن كانت المشكلة في عدم قبول الشيكات السياحية، لكن التاجر حين عرف أنهما من السعودية وافق على البيع وسلمهما السجاد بالعدد المطلوب، وأبلغهما أن يرسلا القيمة بعد وصولهما السعودية ولا يعرفان كيف حصل هذا التعامل والثقة رغم عدم وجود سابق معرفة أو تعامل! بعد العودة لأرض الوطن قام المالك بتحويل المبلغ المقدر بخمسين ألف دولار إلى التاجر على حسابه في إيران وكذا فعل الدكتور هاشم، وأذكر أن الصديق رجل الأعمال محمد بن درهوم العذل حصل له نفس الحال إذ باعه تاجر إيران قطع سجاد غالية الثمن دون قبض الثمن ولكن ان تحول القيمة لحساب التاجر الإيراني. هنا كيف يمكن المقارنة بين التعامل هذا والوضع الحالي الذي بات الحال اليوم تصدير الموت والدمار ومساندة ملل الكهنوت في اليمن ولبنان وسوريا وغيرها. بالتزامن مع صحيفة الجزيرة