كثيرة متنوعة التعاريف لمصطلح القبول الاجتماعي في العلوم الإنسانية، لكن الذي استقر Social Distance بنائي المعرفي التراكمي من خلال دراستي في علم الاتصال communication مازال يثير لدي التساؤلات عن مدى سريان العمل والتعامل بهذه المسافة في مسارات ثقافة العرب/ المسلمين. وقبل الدخول فيما أنا بصدده فلعل التعريف السهل الممتنع هو ما قالته الدكتورة عصمت هوسو: المسافة الاجتماعية: Social Distance كل شيء في الحياة يمكن قياسه؛ فالزمن مثلا يقاس بالأيام والشهور والسنين، وتقاس المسافات بين الأماكن بالأمتار والأميال، وتقاس الخبرات بالعلم والمعرفة والتجارب الشخصية. أما العلاقات الإنسانية فتقاس بمدى التوافق أو الاختلاف في العقول والميول والأمزجة، ومدى التجاذب أو التنافر في العلاقة، ومدى الرفض أو القبول للآخر، عن طريق المسافة الشخصية (الاجتماعية) بين الأفراد. وأعلم حسب معرفتي واطلاعي بوجود تعريفات متعددة لعدد من علماء الاجتماع والنفس وبتعدد القياسات والمعايير المستخدمة.. لكن الذي يعنيني هنا هو المسار الذي تسير عليه علاقات الاتصال والتواصل في مجتمعات العرب/ المسلمين. وبالأخص عند التلاقي أو التخاطب حين تواجد شخصين ويهمس أحدهما للآخر همسا خفيا وهما وحيدان لا ثالث لهما، ويبرز التساؤل أهذا خوف وهلع من أحد ليس له وجود معهما، أم نفور من شيء غير معلوم؟ حينما يخاطب فالح شريكه فليحان هامسا بقوله: بيني وبينك لا يسمعنا أحد؟ فهل هناك هلع بوجود طرف خفي يسمع ما يتهامسان به؟ هل هذا مثلا نوع من الاحتياط من انتقال العدوى أثناء التنفس؟ إن كان هذا فهو مقبول معقول بل حتى عند الطبيب يفضل أن يتنفس المريض بعيدا عن وجه الطبيب/ الطبيبة، الممرض/ الممرضة. المقبول في مسافة القبول الاجتماعي ان يكون السلام والتلاقي والتخاطب مبقيا لمسافة مقاسة ليس بالزمن ولكن ببعد مكاني، لذلك كانت المصافحة بين الرجال والنساء مشروعة ووفق التقاليد المباحة والمتاحة. ليس مستحبا مثلا أن يتكلم شخصان وهما يكادان يلتصقان ببعض فلا بد من مسافة على الأقل ابتعادا عن الأنفاس التي لم تتطهر بالسواك مثلا؟ وربما هذا السلوك غير منتشر في الثقافات غير العربية/ المسلمة. صحيح أن سبل التلاقي والسلام في ثقافات أخرى لا تقبل بتقارب المتحادثين جسديا حتى بين العشاق إلا بعد حين من الثقة؟ وهنا فكما قال الشاعر العامي: لا صدى يوصل ولا شكوى تفيد. بالتزامن مع صحيفة الرياض