لا يخفي العربي تبرمه بأوضاع الحدود العربية حين يلمس سهولة الاجراءات عندما ينهب به قطار سريع أو سيارة المسافات المترامية بين حدود الدول الأوروبية, والخليجي هو الأكثر امتعاضا حين لا يجد أن صفا من التماثلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية قادرة على فرض نهج تعاوني يخفف من اجراءات التعامل.. بعض المشاكل التي تثور بين وقت وآخر وواضح أن حلولها سهلة الأمر الذي يخيل إلينا معه أن تكون الحلول مؤجلة لأسباب غير منطقية لأنه لا يمكن أن يؤمل وجود أي صيغ تعاون ايجابية بين دول جوار في الجزيرة العربية والخليج طالما هنا خط تماس ساخن تلعب المزايدات حول طوله وتتخطى فرص التعامل والتعاون الأمثل مواقعها الطبيعية كي توالي هي الأخرى تلاعبا آخر بوجهات النظر.. خط التماس هذا هو مشاكل الحدود التي مهما قيل عن فرص تبادل كبيرة في المصالح ترتقي إلى حد التأثير على حركة الصعود الحضاري لأنها مثل حائط الصد في الكرة الطائرة الذي يسمح بالإعاقات أكثر مما هو يسمح بالتسهيلات.. هذا العربي.. أو الخليجي إذا وضع أمام مفاجأة انجاز هام وسريع في هذا الصدد فإنه لا يتابع ذهنيا مدى المكاسب على كل المستويات التي سيتوالى تحقيقها حيث لم تعد هناك عقبة شك أو حذر أو مزايدات وإنما اتجاه مباشر نحو خدمة صالح عام يهم كل الأطراف.. إذا وضع أمام ذلك فإنه يتجه فورا إلى طرح تساؤل يبحث مسألة التنازلات وكأنها ضرورة كل تفاهم.. هذا القصور في الرؤية يحدث بسبب عدم التفريق بين الاتفاق بما يعنيه من تفاهم وقبول من طرفي التوقيع عليه وبين مهمة الاستيلاء التي يتحقق بها غبن أحد الطرفين.. لقد أثار انتباهي مقال في احدى الصحف يتساءل عن حجم التنازلات ولصالح م ن , وهو مقال واحد فقط.. وقبل ذلك كانت قد أثيرت من قبل المعارضة في اليمن تساؤلات تتخوف أن يكون اليمن ضحية تنازلات بينما في حقيقة الأمر كل الذي حدث بين المملكة واليمن والمملكة والكويت هو حالة اتفاق تماثلت فيها وجهات النظر فأخذت كل خطوة مسماها اللغوي والسياسي الصحيح. إن التناول الأرقى والأكثر وعيا والذي يجب أن يخرج عن اطار الأساليب التقليدية في معالجة العلاقة هو التمكن من تحقيق الرؤية الأكثر شموخا وطموحا التي حرصت القيادة السعودية على توفيرها رغبة في تخطي كل المعوقات التقليدية والتعامل مع آفاق عالم جديدة غيرت فيه أوروبا الكثير من حدودها وقامت فيه كثير من التكتلات الاقتصادية والسياسية والعلمية.. ليس هناك أي شخص يستطيع أن يغير من حقائق الجغرافيا لكن هناك رجالا هم من الحنكة وبعد النظر والغيرة على المصلحة الوطنية مساحة أرض وروافد اقتصاد ورفاهية سكان استطاعوا التخاطب العملي مع الحاضر والمستقبل فطو عوا بالتفاهم وواقعية التعامل كل قابلية جغرافية للخلاف والتضاد كي تتحول الجغرافيا العربية عامة والخليجية خاصة إلى منطلق تخاطب عملي وايجابي مع كل متطلبات شواهد الحاضر الذي أصبح يخيف كثيرا من الشعوب المتردية في اقتصادياتها أو المشغولة في صراعاتها حيث باتت حقائق العولمة تسقط من المسافات الفعلية للكرة الأرضية الكثير مما أصبح هامشا أو تابعا لقوى أكبر.. لقد انطلقت القيادة السعودية بكل جوار حولها كي يكون هذا المجموع الجغرافي المتجاور مسافات حقيقية وفاعلة في خارطة العولمة الجديدة. لقد أنجز صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله في غضون أسابيع قليلة وبالذات مع اليمن.. مساحة وتاريخا للمشكلة.. عملا وطنيا رائع النتائج يعتبر بحكم نوعيته هو الأول في أهميته ومضمونه بين أحداث العالم العربي المؤثرة في توجهاته نحو المستقبل. وقد شد د صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز على وضوح هذه الأهداف في مؤتمره الصحفي الذي عقد في أعقاب ذلك الانجاز التاريخي الهام. وإذا أردنا أن نربط الأحداث بالمكاسب فسنعود إلى الخلف بضعة أسابيع ليس إلا عندما عقد سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل مؤتمره الاقتصادي الهام الذي تحدث فيه عن خطة الاستثمار وفق نظامها, ومتطلباتها, ونتائجها المرجوة. وكان المراسلون الأجانب بالذات عبر اسئلتهم يجسدون حجم الطموحات القادمة والتي دون شك كانت ستأخذ حجما أكبر لو أن تلك الأسئلة بمناسبتها الهامة أتت في الزمن اللاحق لإنهاء مشاكل الحدود..