من المبادئ الأولية المتداولة في اقتصاد الموارد الناضبة ان ارتفاع سعر الفائدة – مع ثبات العوامل الاخرى – يؤدي الى زيادة معدل استخراج المورد الناضب والاسراع بنضوبه. هذا المبدأ – ضمن مجموعة مبادئ أخرى – جعل علماء اقتصاديات الموارد الناضبة يقولون ان ترك حقوق ملكية الموارد الناضبة في يد القطاع الخاص يؤدي الى الاستنزاف وتجاهل التكاليف الاجتماعية وسوء توزيع الثروة وحرمان الأجيال القادمة من نصيبهم من الموارد الطبيعية التي وهبها الله للإنسان بكميات محدودة وهكذا بالتالي ستتحوّل الموارد الناضبة في النهاية من النعمة الى اللعنة. لعل من الأوائل الذين لا حظوا هذه الظاهرة هو البروفيسور سولو (الحائز على جائزة نوبل) ثم وثّقها آخرون بطرق شتى كل وفقا للموديل الذي يستخدمه الباحث. كل باحث كان يضيف أو يوضح أو يكمل النواقص في النظرية الأم التي ولدت عام 1931 فالبعض ناقش كيف يتغيّر مسار الاستخراج مع افتراض تغير أحد أو بعض أو كل العوامل الثابتة، والبعض الآخر ناقش تأثير المخاطر المتوقعة وغير المتوقعة وحالات عدم اليقين. ولكن البعض (لم يفهم مضمون النظرية) فحمّل النظرية أكثر مما تتحمله أي نظرية في علم الاقتصاد فتساءل بسذاجة لماذا لا تستطيع النظرية ان تتنبأ بمسيرة أسعار البترول. أصبح الآن – بل منذ زمن بعيد – من المسلم به لدى علماء اقتصاد الموارد الناضبة ان أسعار الفائدة ليس هو سعر الخصم المناسب لحساب القيمة الحالية للموارد الناضبة تحت الأرض. فرغم ان الشركات الخاصة وكذلك الملاّك الصغار (الأفراد) الذين يملكون ما يسمى stripper wells (الآبار التي تنتج أقل من 100 برميل في الاسبوع) قد يناسبهم استخدام سعر الفائدة لتعظيم مصالحهم الشخصية الآنيّة على حساب مصالح الأجيال الحالية والأجيال القادمة الا انه بالتأكيد من الخطأ الفادح ان ينطبق نفس الوضع على الحكومات المالكة (بالنيابة عن شعوبها) للبترول. اذن ما هو سعر الخصم الصحيح الذي يجب ان تستخدمه الدولة لحساب مقارنة قيمة الدولار الذي ستحصل عليه عندما تنتج وتبيع برميل البترول الآن بقيمة الدولار الذي ستحصل عليه لو تركت البرميل تحت الارض لمستقبل الجيل الحالي ولأجيالها القادمة؟ الاتفاق العام الآن بالإجماع (أي أصبح من البدهي) ان سعر الخصم الذي يجب ان تستخدمه الحكومات المالكة للموارد الناضبة هو معدل تكوين (أي إيجاد) رأس المال الحقيقي (المصانع والأجهزة والمعدات والآلات والقوى العاملة الوطنية المدربة) اللازم والقادر على إنتاج البديل الذي يدر دخلا صافيا يساوي (أي يعوّض) عن دخل المورد الناضب. عندما نلقي نظرة فاحصة على معدلات تكوين رأس المال الحقيقي (بالمعنى المذكور أعلاه) في الدول الخليجية نجد انها منخفضة لا تعادل معدلات نضوب البترول ومعنى هذا أننا الآن نستخرج البترول بمعدلات أعلى من معدلات إيجاد البديل وأمامنا الآن خيار واحد هو رفع معدل تكوين رأس المال الحقيقي اللازم لإنتاج البديل أي تحقيق الهدف الأول من خطة تنميتنا الأولى وهو التنويع نقلا عن الرياض