تأتي العطلة وينطلق السعوديون في كل اتجاه هذه الظاهرة التي صارت ملازمة للرخاء الاقتصادي، وسهولة التنقل قد لا تكون متاحة للجميع لكنها توحي بأن ما يفعله السعوديون ليس ترفيها عاديا بل هو فرار مبالغ فيه، يوحي بردة فعل على انغلاق الحياة محليا في باب الترفيه الجماعي، والفنون لعدة عقود، فالناس ميالون للفرح ولن يغنيهم ترفيه فردي مثل الذي يحصلون عليه في بيوتهم، واستراحاتهم فهم يفرون للتشارك مع غيرهم في مشاهدة فيلم أو حفلة موسيقية عائلية بريئة فهل هذه المطالب صعبة ليجدها أكثر الفارين في وطنهم، فنحن لا نتكلم عن تهتك أو فحش بل ما يناسب الأسرة السعودية من ترفيه جماعي وهو ما يشد الناس إليه الرحال. السعوديون يفتقدون الترفيه الجماعي المحلي ويعتقدون أنه لا مكان لترفيه جماعي في وطنهم فيذهبون إليه، فجعلوه خروجا موسميا يتجاوز المعتاد في السياحة، وصار الأمر يضغط على ميزانيات الأسر سواء كان هذا الرحيل خارجيا أو داخليا مع أن تنمية ترفيه وتسوق جماعي مغر ليس صعبة، فما يحتاج إليه الاستثمار الترفيهي ضمان لرأس المال وحرية في ابتكار المناسبات التي تخرج عن المسموح به الآن إلى آفاق أرحب مثل ما يذهب إليه الناس في الخارج، ولدينا من الطاقات الفنية والفكرية ما يمكن استثماره. الترفيه الجماعي حاجة طبيعية للناس، لكن عندما تشد لها الرحال يثور السؤال ما مدى سوق السياحة المحلي وكم خسائره بهذا الرحيل الخارجي لمشاهدة فيلم أو مسرحية أو حفلة غنائية لمطرب أو نجم صنعه الإعلام، إنه ركض وراء الرخيص بمبالغ غالية وليس صعبا توفيرها لمن يريدها ومن لا يريدها يبتعد عنها فالتجمع خيار مفتوح للناس. ظاهرة الترفيه الجماعي في المملكة محدودة إذا ما استثنينا المجمعات التجارية، والمهرجانات التي تنظمها أمانات المدن بحدود وقيود تبعد الكثيرين منها من فئات الشباب التي هي المستهدف الأول في مثل هذه البرامج. لقد سعت سنين من الانغلاق إلى تخويف الناس من التجمع وأكدت على أن يحوّل الإنسان السعودي منزله إلى مركز ثقافي ورياضي ترفيهي متكامل ولكن الترفيه لا يؤديه الإنسان منفردا فالتجمع والفرح هو طبيعة الإنسان، ومخالفة هذه الفطرة لا تأتي بالخير بل بعزل الناس وتصنيفهم وجعلهم خائفين من بعضهم البعض وكلها أمور لا تسود في مجتمع سليم. نقلا عن الاقتصادية