هناك أكاديمي سعودي متخصص في الطعن، والتخوين، وبث خطاب الكراهية، والتطرف. والقصة ليست في شخصه، فلا قيمة لذلك، وإنما الظاهرة التي يمثلها، وعلى مدى عقد من الزمان، من دون أن يتم التصدي لها، وهي ظاهرة الأكاديمي «الشتيم»، وكيف يُسمح لأمثاله بالتدريس في الجامعات السعودية! الأكاديمي موضع النقاش هو الدكتور أحمد بن راشد بن سعيد، الذي تخصص في التطاول على زملاء، ومؤسسات إعلامية سعودية، من دون وجه حق، أو مراعاة للأصول والأخلاقيات الأكاديمية. والمؤسف أنه متخصص في الإعلام، وللأسف هناك طابور مثله ممن وجدوا في الأمر شهرة، وتسيبا بأنظمة التعليم. والإشكالية في السعودية أن البعض يعتقد، عن خطأ، أن الأفضل تجاهل هؤلاء، و«عدم منحهم اهتماما»، وهذا غير صحيح، فهذه ظواهر سيئة مثل التسيب، وتفشي الأمراض، فلا بد من وقفة صارمة، فالتعليم ليس «مقهى»، أو «تويتر»، فالتعليم أسمى من أن ينتمي له شتامون، ومحرضون، وأصحاب خطاب كراهية، ورحم الله شوقي حين قال: «وإذا أتى الإرشاد من سبب الهوى.. ومن الغرور فسَمِّه التضليلا». والاختلاف هنا ليس حول قضايا ثانوية، بل قضايا وجود، وأمن، ومحاربة للتطرف. فمن غير المفهوم أن تسمح جامعة سعودية محترمة بأن يكون من ضمن كادرها التعليمي مثل هذا الأكاديمي. والقصة هنا لا تحتاج إلى لجان، وتحقيقات، فكل ما صدر، ويصدر، عن هذا الإنسان موجود على الإنترنت، بل الأغرب أن معظم مقالاته محذوفة من الموقع المخصص له بالجامعة، مما يعني أن هناك من هو متنبه للأمر، لكنه عاجز عن فعل شيء حياله، وهذه كارثة. نقول كارثة لأن السعودية شرعت جديا في تنقيح مناهجها من التطرف، وفتحت أبواب الابتعاث لطلابها بحثا عن جيل واع، ومفيد للمستقبل، جيل تعلم ليعلم، لا ليخرب، ويبث خطاب كراهية، وتخوين، فكيف يسمح لأمثال هذا الأكاديمي بالتدريس في الجامعات السعودية بعد كل ذلك؟ فالقصة هنا ليست تحريضا، بل مطالبة بضرورة تنظيف جامعاتنا، ومدارسنا، من هذه النماذج. فمعيب أن ينحدر مستوى الأكاديميين لهذا الشكل. فنحن لسنا أمام من يردد أفكارا مشوشة في مجالس خاصة، أو متحمس تفرغ للتهجم على الناس على «تويتر» أو غيره، كما أننا لسنا بصدد اختلاف في الرأي، ففي هذه الصحيفة تحديدا زملاء يخالفوننا الرأي في قضايا الربيع العربي، وصعود الحركات الإسلامية، ولهم كل القيمة والاحترام.. بل نحن هنا أمام سلوك من يطعن، ويشتم، ويخوِّن، ثم يدلف لمحاضرة شبابنا بالجامعة، فأي فشل تعليمي أكثر من هذا؟! والأمر الآخر الذي يستحق التمعن فيه بهذه الظاهرة هو من يتبنون فكر وتصرفات هذا الأكاديمي، وأمثاله، ومن خلال إعادة تغريداته على «تويتر»، بعد أن كانوا يعيدون نشر مقالاته عبر مواقع إنترنتية كانت الراعي الأبرز ل«القاعدة»، ويفعلونها من باب تكتيك «النصرة»، ومنهم أكاديميون ومحامون وقضاة سابقون بالسعودية أعرف أحدهم، حيث صدّع رؤوسنا بنغمة إصلاح الجهاز القضائي والهيئة، ليتضح أنه ما هو إلا إخواني مخادع، مثله مثل كثير من المخادعين! ملخص القول أن لكل إنسان رأيه، لكن يجب أن تكون مهنة التدريس بالجامعات محمية من الشتامين، والمحرضين، ومن يبثون خطاب الكراهية، وإلا اعتبر ذلك خللا كبيرا في النظام التعليمي. فالجامعات لأهل العلم والمعرفة، وممن يتسمون بأخلاقيات العلم. [email protected] نقلا عن الشرق الاوسط