اليوم أصبحت الأمور أكثر وضوحا وشفافية لمعرفة أعداء أي نجاح يمكن أن تحققه المملكة، وخاصة من أبناء الوطن والمقيمين، وتجسد ذلك فيما حدث من تجاوزات قانونية ونظامية وأخلاقية وسلوكية، وأيضا دينية في موسم الحج، حيث فضل هؤلاء تغليب الذات والأنانية على المصلحة العامة وراحة الناس والإيثار ومعاملة الدولة لهم بالحسنى. الكارهون لنجاح المملكة بدأوا يكشرون عن أنيابهم ويستغلون طيبة وسماحة الدولة ليعودوا بها إلى المربع الذي هم يريدونه ويتاجرون به في الداخل والخارج، لأنهم لا يملكون مقومات ومبادرات النجاح، بل يملكون المبادرات والسلوكيات والأفكار المحبطة التي تطمح إلى جر الدولة إلى نقطة الصفر والبدائية والغوغائية وعدم بلوغ مصاف دول العالم الأول. المهم ما حدث في هذا الحج هو مسلسل من السلوكيات والأفكار المحبطة، هدفها الناجحون لإحراجهم في أهم دور وهو خدمة الحرمين الشريفين، فأكثر من مليون حاج غير نظامي مبدأهم الأنانية والتمركز حول الذات، لم يكتفوا بتجاوز أمر ولي الأمر الذي يهدف إلى التيسير وراحة الحجاج في أداء مناسكهم بأمن وأمان واستقرار وهدوء.. رموا بعرض الحائط كافة القيم والقوانين ليستأسدوا على الآخرين الملتزمين بالنظام، وينتزعوا منهم حقوقهم في حج تحكمه الأخلاق والمبادئ والسلوكيات الحضارية، ويضايقوهم فيما دفعوا من أجله المال طلبا للتسهيلات والانتفاع بها، بل أستأسدوا أيضا على الدولة ورجالها فاعتدوا على رجال الأمن والخدمات الأخرى بالشتم والضرب والإهانة، وكثير من الجنايات والجنح كالتزوير والرشوة والتهديد والمداهمات، وانتهكوا حرمات الأماكن بإتلافها وسلبها حتى دورات المياه لم تسلم منهم، حيث انتزعوا أدواتها واستهلكوا البنية التحتية التي صرفت عليها الدولة لتظهر بالمظهر الحسن، بل أصبحوا يجاهرون ويفتخرون عبر وسائل الإعلام ليقلبوا الحقائق ويقدموا مبرراتهم الواهنة ويعترفوا بأنهم فعلا كسروا النظام وتجاوزوه، حتى أن بعض رعايا دول عربية يرى أن الحج ثورة ومليونية كمليونياتهم، وآخر يفتخر بأنه ذكي في استمراء التجاوزات والمخالفات كل عام، وكأنهم يعيشون في غابة من الأنعام لا في دولة محترمة تحكمها قوانين وأعراف وقيم وأخلاقيات. وبقدر ما أجزم بأن هؤلاء لا يمثلون السلوك الإسلامي، وأن الدين هو المعاملة، أؤكد أنهم محترفون في فن مكافحة النجاح والإصرار على ذلك، ويعيشون حالة من الأنا المريضة التي تدور في نطاق محدود حول أنفسهم، بل أعتقد أن ما يفعلونه من سلوك غير مسؤول، لا يخرج عن نطاق المراهقة المتأخرة والسلوك الطفولي المبني على حب التملك والغيرة من نجاحات الآخرين. نحن اليوم أمام مؤشر خطير لسلوكيات مضادة للمجتمع والدولة من بعض المقيمين مدعومين بمواطنين، وهي استمرار للسلوكيات التي حذرنا منها كثيرا في كافة مناطق المملكة من تجاوزات واستهتار بالأنظمة والقوانين، وعدم مراعاة لحقوق الآخرين والتطاول على رجال الدولة وإتلاف الممتلكات والإنجازات ومحاولة تقذيرها، إضافة إلى مناهضة ومقاومة أي إصلاح وتنمية وتحسين للخدمات والتعاملات. أعداء النجاح مصرون وسيصرون على أفعالهم في الحج وغير الحج وسيستغلون التسامح والتعاطف وبعض الإهمال وضعف الإصرار على تطبيق القوانين والأنظمة، وهم بتكرار السلوكيات السلبية في كل مكان وأي زمان ستتعزز لديهم السلوكيات السلبية المخالفة للقوانين والأنظمة والانحرافات غير الحضارية، ما لم تعالج هذه السلوكيات بالعقاب والحزم والحسم، وستفاجأ بمعلومة إذا أردنا تطبيق صحيفة السوابق السلوكية وأسلوب التقييم بالنقاط للسلوكيات والمسلكيات المنحرفة، بأن تلك الصحائف ستملأ بمختلف تلك السلوكيات غير الإيجابية، التي في آخر المطاف ستقدم لنا بيانا بمن هم أعداء النجاح. نقلا عن الاقتصادية