هل ستتلاشى الثقافة الورقية في زمن الإعلام الرقمي؟ .. قد يختلف أو يتفق البعض لدى إجابتهم عن السؤال السابق، خاصة بعد الانتشار الكبير والواسع للتقنيات الحديثة وتطبيقاتها التي اقتحمت علينا عالم اليوم من خلال أجهزة رقمية لا تتجاوز الكف الواحد، وأمام كثير من التحديات التي تواجه الكتب المطبوعة. نستعرض في هذه المساحة خمسة كتب تتضمن الكثير من المواضيع التي تناولها الإعلام والرأي العام السعودي أخيرا، من بينها الكتاب المطبوع وتلاشيه، وعمل الكاشيرة، ورحلة من الدمام إلى النمسا، وكتاب في الشأن العام، وعيشة لوَّل. تناول الكتيب الأول الذي حمل عنوان: "الثقافة الورقية في زمن الإعلام الرقمي"، والذي نعرض له هنا، مقارنة بين الثقافة الورقية والإلكترونية، في ظل ثورة الاتصالات والشبكات العنكبوتية. قال المؤلف: "بنهم، وتأمل، وتلذذ، قرأت هذه المحاضرة.. بل كأني أراك وأسمعك أمامي وأنت تلقي أصوب الأفكار، وتؤكد أعظم الحقائق، وهو بقاء الكتاب الكتاب المطبوع في أوراق.. وليس على أقراص مدمجة، أو منشور على صفحات الهواء في الإنترنت.. أو غير ذلك من المستجدات.. التي لا ينكر أثرها.. لكنه الكتاب الحقيقي المطبوع.. قال تعالى: "ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس" سورة الأنعام آية (7). مضيفًا: "أصبت الهدف.. وسبقتني بقول الحق.. فهذه الحقيقة هي الأصل الذي لا مراء فيه.. فالكتاب المطبوع المقروء هو الحقيقة التي تحمل كل الحقائق الأخرى.. جاء الكتاب ومادته 320 مرة في القرآن الكريم.. مما يؤكد أن الكتاب هو الأصل". وتضمن الكتاب الثاني الذي جاء بعنوان "في الشأن العام" للمؤلف محمد بن عبدالله الشريف، مجموعة مقالات نشرها الكاتب سابقًا في صحيفة "الاقتصادية" في تواريخ مختلفة خلال الأعوام 1428 إلى 1431ه، في موضوعات تتعلق بالشأن العام للوطن والمواطن، تعبِّر عن مشاعر مواطن يحس بصدق الانتماء، ويؤمن بواجب المشاركة، بالشعور والرأي، في هموم وطنه وأحاسيس مواطنيه. ويرى الكاتب أن جمع هذه المقالات في كتاب واحد يسهل على القارئ مطالعتها، والمقارنة بين الوقت الذي كُتبت فيه وبين الوقت الحاضر، وما حصل من تغيير، وتحقَّق لبعض الأهداف والآمال التي كتبت من أجلها. بينما يعرض الكتاب الثالث الذي عنون تحت اسم: (النَمسُ في النَمسَا), للمؤلف نبيل فهد المعجل، والذي يتألف من 180 صفحة، رحلة كاتبه العملية من الدمام إلى النمسا وما صادفه من أحداث قام بتدوينها واصفًا إياها بالواقعية والعملية التي تنفي عن الكتاب كونه دليلاً سياحيًا وتخرجه من كونه مذكرات شخصية. سرد الكاتب حكاياته بشكل جديد يعتمد على التسلسل المكاني وليس الزمني بالشكل المعتاد، فاستهل الكتاب بالفصل الأول الذي جاء بعنوان: "من الدمام إلى فيينا"، ويروي فيه كيف انتقل من العمل في حرارة مدينة الخفجي إلى العمل في برودة مدينة فيينا النمساوية، مدوننا ما شاهده في تلك المدينة من معالم وعادات وتقاليد أهلها، ثم ختم الكتاب بالفصل الثامن الذي حمل عنوان معاكس لعنوان الفصل الأول، فكتبه تحت اسم "من فيينا إلى الدمام". والكتاب الرابع الذي نستعرضه هو: "نقائض الكاشيرة"، للمؤلف سعد بن محارب المحارب، والذي يراجع المؤلف فيه سجالا صحافيًا دار عبر مقالات الرأي في الصحافة السعودية خلال أكثر من عامين حول مسألة توظيف المرأة محاسبة في الأسواق. وتناول الكاتب في مؤلفه رصدًا رقيمًا وملاحظات إجمالية تصف اتجاهات الكتاب والصحف في التعاطي مع القضية، كاشفًا من خلال ملاحظات تفصيلية جملة من الأساليب التي استعملها كتاب الرأي لإقناع الرأي العام بتأييد أو معارضة هذا التغيير. ويصف الكتاب ويفسر في نطاق أوسع كيفية تعاطي كتاب الرأي في الصحافة السعودية مع قضية اجتماعية ذات طابع جدلي، ليقترح نموذجا قابلا للاختبار في قضايا أخرى. كما يسعى إلى تعليل تحويل مسائل هامشية إلى متن النقاش المحلي. يحمل الكتاب الخامس الذي جاء بعنوان: "عِيشَة لَوَّل"، للمؤلف د. جاسم بن محمد الأنصاري، بين صفحاته عبق التاريخ متناولاً أنماط الحياة في الدمام والخبر والظهران وما جاورها منذ قدوم أوائل النازحين إلى وقتنا الراهن. عزز من أناقة الكتاب تضمين الكاتب لمجموعة من الصور التراثية الجميلة. ويسلط الكتاب الضوء على معاناة الأوائل في توفير المأوى والماء والغذاء لهم ولعائلاتهم، ويبين أسلوب التعايش والتعاون الذي ساد المجتمع في ذلك الوقت وما طرأ على المجتمع من متغيرات أثرت في نمط حياتهم وتعاملاتهم وسلوكياتهم. كما يشير الكتاب إلى التغير الكبير الذي طرأ على حياة الناس بعد اكتشاف شركة أرامكو للنفط بكميات تجارية وبخاصة فيما يتعلق بشؤونهم الاجتماعية والتعليمية والصحية والاقتصادية أو في البنى التحتية في مدنهم وما تبع ذلك من توافر آلاف الفرص الوظيفية لأبناء البلد وغيرهم من جنسيات أخرى استوطنوا هذه المدن، متطرقًا أيضا إلى آثار الانفتاح الكبير والسريع الذي طرأ على المجتمع بتوافر الأموال وتيسر سبل السفر إلى مختلف أرجاء العالم.