كشفت دراسة أكاديمية حديثة أن أحداث 11 أيلول (سبتمبر) كانت تاريخاً مفصلياً في الرواية السعودية وفي استنطاق الروائيين، وأن الروائيين السعوديين لجأوا لتوظيف أحداث إرهابية سابقة لهذا الحدث، مثل حادثة الحرم المكي الشريف مطلع الألفية الهجرية الجديدة، وحوادث الإرهاب في العقد الماضي في رواياتهم، بيد أن الروائيين تناولوا بعض الملتزمين دينياً، بحديث «سخرية» عن إعفاء اللحى وتقصير الثوب، وتجنى بعضهم على المراكز الصيفية بقصص لا يتوقع حدوثها، إضافة إلى انفتاحهم في نقاشات المسائل الثابتة بشكل غير منضبط، مثل مسألة بناء الكنائس في جزيرة العرب، وإن أجمعوا أن تحريف النصوص لإغراء الشباب وتغذية العقول بالأفكار الجهادية المتطرفة، وعدم احتواء العائدين من أفغانستان، والإهمال وسوء المعاملة الأسرية والفقر والبطالة كان لها دور في زرع فكرة التشدد، وانخراط الشباب في العمليات الإرهابية. وتهدف الدراسة التي قدمها الباحث عبدالله الغانم بعنوان: «الإرهاب في الرواية السعودية... الرؤية والأداة» إلى إبراز دور الأدباء والمثقفين في التصدي لظاهرة الإرهاب، كاشفة عن ملامح الخطاب الفكري الذي تظهره الرواية السعودية المتعاطية مع الإرهاب، والطرق الفنية التي سلكها الروائيون في المعالجة، متناولة 26 رواية سعودية من أصل 33 رواية صدرت بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، ومستفيدة من منهج التحليل النفسي والمنهج الفني الاستقرائي القائم على الوصف والتقويم، كلها أكدت أن الشخصية الإرهابية دائماً ما تجيء من الطبقات المتوسطة والفقيرة والشباب متوسطي التعليم. وأقرت الدراسة بأن رؤى الروائيين عن الإرهاب قاربت الواقع المعاش في حالات كثيرة من الشباب الذي انحرف، وأن الروايات وظفت الأحداث التاريخية الحقيقية التي جرت في فترة ظاهرة الإرهاب من دون أن تغفل عن توظيف أحداث متخيلة، كما فعلت آلاء الهذلول في «الانتحار المأجور»، ومحمد الحضيف في «نقطة تفتيش»، وأمل الفاران في «كائنات من طرب»، وعلي القحيص في «الكليجا». بل وعمل الروائيون في هذه الروايات وغيرها على اختزال الحدث التاريخي، إضافة إلى الحديث عن الجوانب السلبية، وقدموا المكان الذي يعيش الكارثة بجميع مستوياتها، مشيرين إلى ربط جذور العنف والإرهاب في المملكة بحوادث عدة، مثل حادثة احتلال الحرم المكي الشريف في بداية القرن الهجري، كما لدى عبدالله ثابت وصلاح القرشي وعائشة الحشر ويوسف المحيميد ومعجب الزهراني ومحمد العوين، إذ وظف هؤلاء في رواياتهم الحادثة من خلال شخصيات وأحداث مختلفة، جميعها اتفقت في الحدث الرئيسي، وهو اقتحام الحرم المكي من جهيمان وجماعته، في تفاعل نصي داخلي لافت. فيما نجد التفاعل النصي الذاتي في روايات محمد المزيني الثلاث التي جاءت بشخصيات شبه مكررة، مما يعني أنه ظل يمتح من عالم تجربة معينة. وجاءت غير رواية، مستخدمة أسلوب السيرة الذاتية بحضور الراوي الداخلي أو الراوي المصاحب في الرؤية، بيد أن موضوع الإرهاب لم يسعف الروائيين جميعهم على انتهاج طريقة اختيار الراوي برؤية من الخارج. الروايات التي تناولتها الدراسة، ونال الباحث منها درجة الماجستير في الأدب والنقد بتقدير ممتاز، هي: «الإرهابي 20» لعبدالله ثابت و«ريح الجنة» لتركي الحمد و«الحمام لا يطير في بريدة» ليوسف المحيميد و«هند والعسكر» لبدرية البشر و«نباح» لعبده خال، إضافة إلى روايات «نقطة تفتيش» لمحمد الحضيف و«بنت الجبل» لصلاح القرشي و«جانجي» لطاهر الزهراني و«كائنات من طرب» لأمل الفاران و«فتنة» لأميرة القحطاني، وروايات محمد المزيني: «الدنس» و«مفارق العتمة» و«عرق بلدي»، ورواية «ما تبقى من أوراق» لمحمد الرطيان وروايات أخرى لم تنل نصيباً كافياً من الانتشار، مثل «مهل» لسعود الشعلان و«تجربة فتى متطرف» لمحمد العوين و«التشظي» لعائشة الحشر و«سعوديات» لسارة العليوي و«العباءة» لمها الجهني و«عين الله» لخالد المجحد و«الكليجا» لعلي القحيص و«محور الشر» لنبيلة محجوب و«المطاوعة» لمبارك الدعيلج.