ينطلق "قطار المشاعر" ، الذي تخصصه المملكة العربية السعودية لخدمة الحجاج ونقلهم ما بين المشاعر المقدسة لأداء مناسك الحج خلال العام الجاري، يوم الاثنين المقبل، 15 نوفمبر 2010، بيد أن إعلان الحكومة السعودية أن القطار سيتم قصره في العام الحالي على "حجاج الداخل" ، وهم الحجاج الذين يأتون عبر المؤسسات المحلية السعودية لتنظيم الحج سواء أكانوا سعوديين أم غيرهم من الأجانب المقيمين بالبلاد؛ أثار ردود فعل متباينة بين الحجاج ومسؤولي المملكة. ويرى المسؤولون السعوديون أن قصر استخدام القطار على حجاج الداخل في هذه الفترة يرجع الي كونه لا يزال في طور التجريب، ولم يكتمل بعد بدرجة تؤهله لتحمل الكثافة العالية لأعداد الحجاج، بينما يعتبر بعض الحجاج الأجانب أن الأمر فيه نوع من "التمييز" ، وأنه كان يجب مراعاة الحجاج الأكثر حاجة من كبار السن وغيرهم. ويقول أبو حذيفة حسن (27 عاما)، مهندس اتصالات سوداني، إن "حجاج الداخل ، الذين يعدون الشريحة الأغنى بين الحجاج الذين يتوافدون على البلد الحرام لأداء مناسك الحج، تُوفَّر لهم خدمات قطار المشاعر الذي يعتقد أنه سيقضي على الازدحام بشكل فعال، بينما الشرائح الأفقر والأكثر معاناة تُحرم منه". لكن الدكتور عثمان قزاز، المسؤول البارز بمعهد أبحاث الحج الذي خرج منه مشروع القطار، يرى أن قصر استخدام القطار على حجاج الداخل يرجع إلى أنه في مرحلته التجريبية فقط ولن يعمل إلا بثلث طاقته الاستيعابية، وأضاف أن قصر الاستخدام على حجاج الداخل يعد "تنظيما، وليس نوعا من التمييز". وذكر مسؤول بارز بالحكومة السعودية، طلب عدم ذكر اسمه، أن "قصر استخدام القطار على حجاج الداخل يرجع لكون هذه الفئة هي الأكبر عددا بين فئات الحجاج". وأوضح أن "خط القطار يمر من الناحية الغربية من عرفات، وتلك الناحية هي التي يوجد بها مخيمات حجاج الداخل، لذا فإنه سيكون أكثر نفعا لهم من غيرهم، وليس الأمر به نوع من التمييز كما يتوهم البعض". ويرى محمود رفاعي (32 عاما) أنه "ما دام القطار سيكون في مرحلة تجريبية فيجب تخصيصه للفئات الأكثر استحقاقا بدلا من تخصيصه لكبار الشخصيات وحجاج الداخل". لكنه أضاف مبتسما: "أعتقد أن نقل كبار الشخصيات في قطار المشاعر سيخفف الضغط على الطرق، والتي كانت تغلق بالساعات في السابق لمرور دوريات كبار الشخصيات". وكانت تقارير صحفية ذكرت أن حجاج دول الخليج سيستفيدون من مشروع القطار، وأنه تم بالفعل توزيع تذاكر القطار على وكالات الحج الخاصة بتلك البلدان. ويتألف المشروع من عشرين قطارا تعمل بالاتجاهين بين المشاعر، كل قطار مكون من 12 عربة، وكل عربة تنقل 250 حاجا (50 جلوسا و200 وقوفا)، أي أن كل قطار يحمل ثلاثة آلاف حاج. ويسير قطار المشاعر على أعمدة مرتفعة عن سطح الأرض يصل ارتفاعها في بعض المناطق إلى نحو عشرة أمتار، تفاديا لعرقلة حركة المشاة أو وسائل النقل الأخرى التي تنقل الحجاج. يعد"قطار المشاعر" جزءا من مشروع "قطار الحرمين السريع"، والذي يهدف إلى ربط منطقتي مكةالمكرمة والمدينة المنورة، مرورا بمحافظة جدة، بطول 480 كيلومترا. ويتوقع مسؤولو الحكومة السعودية أن يتم نقل 35 في المئة من الطاقة الاستيعابية المقدرة بنحو 500 ألف حاج، أي أنه سيتم نقل نحو 170 ألف حاج تقريبا هذا العام، بينما يرجح أن يصل العدد في أيام التشريق إلى 250 ألف حاج. وتقوم فكرة القطار على الاستغناء عن استخدام وعزل الحافلات، فسوف يُستغنى عن نحو سبعين ألف حافلة تنقل الحجاج براً. غير أن مشروع القطار لن يلغي ما يسمى بمشروع "النقل الترددي للحافلات"، الذي يقلل من الازدحام خلال فترة أداء مناسك الحج. والنقل الترددي قائم على شق طرق خاصة تسير فيها حافلات الحجاج وفق مناطقهم الجغرافية. وكان الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكةالمكرمة، أكد قبل عدة أيام في مؤتمر صحفي أن مشروع "قطار المشاعر" لن يتداخل مع مشروع "النقل الترددي للحافلات" ويلغيه، مشيرا إلى أن المرحلة الثالثة من مشروع "النقل الترددي"، دُشّنت العام الجاري. وقد أعلنت الشركة الصينية المنفذة للمشروع مؤخرا أنها تتوقع خسارة نحو 4.15 مليار يوان ( 623.3 مليون دولار) في خط قطار المشاعر المقدسة، وهو ما يفوق تقديرات الشركة، إلا أنها أوضحت أن الخسائر مؤقتة وأنها تتوقع تحقيق مكاسب في نهاية المشروع، مضيفة أنها تجري محادثات مع السعودية بشأن تعويضات محتملة عن الأضرار والخسائر.