اعتبر المحلل السعودي عبدالعزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث أن رفض السعودية في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة اليوم الجمعة أن تشغل مقعداً في مجلس الأمن يمثل تكريساً "لانتقال المملكة من الدبلوماسية الهادئة التي تنتهجها تقليدياً إلى الدبلوماسية الواضحة" التي تعبر بوضوح عن مصالحها. وقال "صقر" إن السعودية أرادت أن تعبر عن "الاستياء الشديد"، لاسيما إزاء حليفتها الكبيرة واشنطن التي تتقارب مع إيران وتوافق على منحها دوراً في شؤون المنطقة بينما تدعم إيران النظام السوري و"تتدخل" في شؤون دول المنطقة بحسب قوله. واعتبر أن السعودية "أرادت أن تظهر للعالم أولاً أن لها وزنها الكبير (من خلال حصولها على 176 صوتاً) وبعد أن ظهر هذا الوزن اختارت السعودية أن تظهر موقفها بقوة". وذكر "صقر" أن السعودية "بمراجعتها للقرارات التي اتخذها مجلس الأمن بالذات المتعلقة بسوريا، وجدت أن الدول في مجلس الأمن ستمارس سلطتها بدون حق مشروع ضد شعوب لا تملك قدرة الدفاع عن نفسها". وسبق أن عبرت الرياض باستمرار عن امتعاضها من الفيتو الروسي والصيني المتكرر إزاء أي قرار في مجلس الأمن ضد النظام السوري إلى أن اعتمد قرار يتعامل فقط مع جانب الأسلحة الكيماوية ويغفل مطالب المعارضة. لكن بحسب "صقر"، فإن قرار السعودية يعبر خصوصاً عن "عدم ارتياح للسياسة الجديدة في واشنطن وبالذات مواقف الرئيس باراك أوباما في المواضيع الخاصة بالمنطقة" من إيران إلى اليمن مروراً بسوريا ومصر والعراق والبحرين. وقال: "عندما تكون أمام دولة حليفة وقريبة، ويكون هناك عدم تنسيق وعدم احترام للعلاقة القديمة والمتجذرة، فهذا بالطبع يدفع المملكة إلى الاعتذار عن الجلوس في مجلس الأمن". وشدد على أن "السعودية ترى أن إيران تتدخل في سوريا والعراق ومع الحوثيين في اليمن وفي البحرين، وتطالب بأن يكون لها دور، في ظل كل هذا، أمريكا تقبل بمنح إيران دوراً في قضايا المنطقة". وإذا كانت السعودية ودول الخليج لا تمانع من حيث المبدأ حصول تقارب بين الولاياتالمتحدةوإيران، إلا أنها ترى بأن ذلك "لا يجب أن يكون على حسابها" حسب ما قال "صقر". ويعد الاعتذار السعودي غير مسبوق في تاريخ الأممالمتحدة ومجلس الأمن، والسوابق التاريخية في هذا السياق اقتصرت على اعتماد الاتحاد السوفييتي عام 1950 سياسة "المقعد الفارغ" بسبب الحرب الباردة، وشغور المقعد ال15 بسبب خلاف بين الدول في 1980. من جهتها أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن فرنسا تشاطر العربية السعودية "إحباطها" إزاء شلل مجلس الأمن في مواجهة الأزمة في سوريا. وكانت فرنسا عرضت في سبتمبر عدم استخدام أعضاء مجلس الأمن الدائمين (الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين) لحق الفيتو في حال حصول "مجازر واسعة". من جهته أشاد المجلس الوطني السوري، أبرز ائتلافات المعارضة السورية، بموقف السعودية بالاعتذار عن عدم تسلم مقعدها في مجلس الأمن واصفاً إياه ب"التاريخي" ومنوهاً بوقوف الرياض إلى جانب الشعب السوري.