الخرطوم – الشرق «المؤتمر الشعبي» يرفض الاشتراك في الحكومة. ندَّدت الحكومة السودانية بقرار الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، تجديد العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان عاماً آخر اعتباراً من يوم غدٍ الثالث من نوفمبر الجاري، وانتقدت الخرطوم بشدة المبرِّرات التي سيقت لتجديد العقوبات. ونقلت تقارير صحفية أن الرئيس أوباما أبلغ الكونغرس بقراره السنوي يوم الأربعاء الماضي، وقال في حيثياته إن الخرطوم تواصل أعمالها ونهجها السياسي المعادي للمصالح الأمريكية، وأنه نتيجة لذلك قرر الرئيس الإبقاء على العقوبات المفروضة على السودان. إلا أن البيت الأبيض لم يصدر حتى الآن بيانه الخاص بتمديد هذه العقوبات التي تُجدَّد سنوياً منذ أن فرضها الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، في 3 نوفمبر 1997. هجوم على واشنطن وأعربت الخارجية السودانية في بيانٍ لها أمس الأول، الخميس، عن أسف الخرطوم لتمديد العقوبات المفروضة على السودان منذ عام 1997، واعتبرت الخطوة أكبر مهددٍ للسلم والأمن الاجتماعي لما تُسبِّبُه من حرمان الشعب السوداني من الحصول على حقوقه في التنمية، مما يعنى إبقاءه في دائرة الفقر والتخلف. وشدد البيان على أن جهود الحكومة لاستدامة السلام في السودان وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لن تتوقف رغم محاولات الإدارة الأمريكية كسر عزيمة وشوكة شعب السودان بتمديد العقوبات لعام جديد. واعتبرت الخارجية السودانية أن دول العالم مجتمعة، عدا أمريكا وحليفتها إسرائيل، أجمعت على أن الإجراءات الاقتصادية الأحادية مرفوضة ومنبوذة لما تمثله من انتهاك بالغ وواضح للقانون الدولي ولحقوق الشعوب في التنمية والحصول على الخدمات الضرورية. واتهمت الوزارة الإدارة الأمريكية بأنها «ظلت منذ عام 1997، وعاماً تلو العام، تتذرع بأسباب وحجج مختلفة في كل مرة لتبرير استهدافها للسودان وسعيها لتكثيف الضغوط عليه ومحاصرته اقتصادياً في كيدٍ سياسي واضح وازدواجية وتناقض لا تخطئهما العين». وأشار البيان إلى أن أمريكا تارة تدَّعي سعيها للسلام من خلال فرض العقوبات، في حين أن العقوبات نفسها هي أكبر مهدد للسلم والأمن الاجتماعي ما يؤدي إلى تصعيد واستدامة النزاعات. وتابع البيان «وتارة أخرى تدعي محاربة الإرهاب، بينما هي بسياساتها ومعاييرها المزدوجة تغذي الإرهاب، وتوفر له البيئة الملائمة ليبيض ويفرخ، خصوصاً وأن سياساتها تجاه العالم الإسلامي، تؤكد أن إرهاب الدولة الذي تمارسه الولاياتالمتحدة لا يجاريها فيه أحد، ولا تبلغ مبلغه أمة أخرى من الأمم». وأكدت الحكومة السودانية أنها ملتزمة بمد يدٍ بيضاء من غير سوء من أجل الحوار مع الحركات المتمردة في جنوب كردفان والنيل الأزرق سعياً للتوصل إلى تحقيق السلام الذي يرتضيه أهل السودان جميعاً. مسوِّغات مرفوضة من جهته، وصف مدير الإدارة الأمريكية في الخارجية السودانية، محمد عبدالله التوم، المسوِّغات التي تقدمها الولاياتالمتحدة لتجديد عقوباتها على السودان ب «المرفوضة». ولفت التوم، خلال ورشة بعنوان «أثر العقوبات الأمريكية الأحادية على تمتع المواطن السوداني بحقوقه الأساسية»، إلى «أسبابٍ سياسية دائماً ما تلجأ إليها الإدارة الأمريكية لفرض عقوباتها على السودان». وتوقع التوم أن تُواجَه جهود السلام في البلاد بمشكلات عديدة بسبب ديون السودان بعد تجديد العقوبات، وأقرَّ بأن العقوبات خلَّفت آثاراً كبيرة منها الحد من قدرة الاقتصاد السوداني على التعامل مع المؤسسات الدولية. بدورها، وصفت نائب رئيس البرلمان السوداني، سامية أحمد محمد، تجديد واشنطن عقوباتها على الخرطوم ب «التصرف غير الأخلاقي». وقالت، خلال مشاركتها في نفس الورشة، إن أمريكا تدهس القانون بعقوباتها على السودان، ووصفت أثر الحظر الاقتصادي على البلاد ب «العميق» خصوصاً فيما يتعلق بوسائل النقل العام؛ مشيرةً إلى تأثر القطارات في السودان بالحظر الأمريكي. ودعت سامية أحمد محمد منظمات المجتمع المدني إلى ضرورة العمل على فك الحظر الاقتصادي على السودان نهائياً، وطالبت الدبلوماسية السودانية ببذل مزيد من الجهد لإنهاء العقوبات المفروضة على البلاد. ويعاني السودان من العقوبات الأمريكية التي جرى تعديلها وتوسيعها منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي بسبب الحرب في دارفور. وتضع واشنطن السودان في قائمتها للدول الراعية للإرهاب، كما استهدفت عدداً من المسؤولين السودانيين بتجميدٍ للأصول وحظرٍ للسفر. وتقيد العقوبات حركة التجارة مع السودان كما تعيق الاستثمار وتمنع كافة أشكال الملكية الحكومية السودانية في الولاياتالمتحدة وتحظر المعاملات مع الأفراد والكيانات التي تساهم في الصراع في دارفور. «الشعبي» يرفض الحكومة في سياقٍ آخر، نفى حزب المؤتمر الشعبي بشدة أي احتمالٍ لمشاركته في الحكومة الحالية، وطالب مَن وصفهم بالمخلصين داخل المؤتمر الوطني الحاكم بنفض أياديهم عن الحزب، قاطعاً بأنه لن يشارك في الانتخابات المقبلة. وكان النائب الثاني للرئيس السوداني، الحاج آدم يوسف، قال في لقاءٍ مع القوى السياسية في ولاية كسلا الأربعاء الماضي إن حزبي الأمة والمؤتمر الشعبي يقتربان من المشاركة في الحكومة الجديدة، لكنه لم يكشف أي تفاصيل واكتفى بالإعلان أن اتفاقاً وشيكاً في طريقه للاكتمال مع الحزبين. واعتبر الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، كمال عمر عبدالسلام، أن «شجرة المؤتمر الوطني ضربها السوس»، ويتخذ المؤتمر الوطني من «الشجرة» شعاراً له. وأوضح عمر، في مؤتمرٍ صحفي عقده أمس الأول، أن حزبه لن يتردد فى إغلاق أبواب الحوار مع المؤتمر الوطني حول بعض القضايا الوطنية، معترفاً بأن المؤتمر الشعبي يتضرر بشدة من تصريحات قيادات حكومية حول اتفاق وشيك معه للمشاركة في الحكومة، ورأى أن تلك التصريحات ينقصها العقل السياسي. وأعلن عمر رفض المؤتمر الشعبي المشاركة في الانتخابات المقبلة، مرجعاً القرار إلى امتلاك المؤتمر الوطني «مهندسين أكفاء في تزوير الانتخابات»، على حد تعبيره. ونفى عمر ما يشاع عن لقاءات سرية جمعت الأمين العام للمؤتمر الشعبي، حسن الترابي، بالرئيس عمر البشير، وقال إن تلك التصريحات بُنِيَت على أساس اللقاءات الاجتماعية التي تمت بين الرجلين بنحوٍ عابر في مناسبات عزاءٍ مختلفة. الرئيس السوداني خلال مشاركته في جلسة برلمانية نهاية الأسبوع الماضي (رويترز)