توقع اقتصاديون ومختصون في مجال الطاقة والنفط أن إلغاء الدعم ورفع أسعار النفط في المملكة، لتتساوى مع الأسعار في الدول الأخرى، سيوفر مليارات الدولارات سنوياً، وستجعل السعودية من أكبر الدول المصدرة للبنزين. واتفق عدد منهم على ضرورة إقدام السعودية على خطوة رفع أسعار الوقود للحد من الهدر والحفاظ على أموال مهدورة نتيجة الاستهلاك المتنامي للنفط، لكن بعد الانتهاء من بناء البنى التحتية، وإيجاد البدائل لذوي الدخل المحدود، مقدرين عوائد المملكة من رفع أسعار الوقود بأكثر من 150 مليار دولار سنوياً، وهو فارق السعر بين تسعيرة بيع الوقود داخل المملكة وأسعاره الخارجية. وقال رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي إن: «السعودية تحتاج لرفع أسعار البترول لمجابهة الاستهلاك المتنامي، إذ إن تقارير دولية اقتصادية عديدة منها تقرير سيتي بانك وتقرير صندوق النقد الدولي تؤكد أن السعودية مع حلول عام 2020 لن تجد ما تصدره، إذ إن كل ما تنتجه يذهب للاستهلاك الداخلي، خصوصاً أن أكثر من 80% من صادرات المملكة بترولية، وهذا ما يؤكد أهمية رفع أسعار الوقود للحفاظ عليه، كما أن المملكة بحكم إنتاجها الكبير للبترول، ستتأثر بأي تغيير في إنتاجها للبترول، وهذا سيؤدي لاختلال الإنتاج العالمي، لاسيما أنها عضو في مجموعة العشرين، وتقارير صندوق النقد الدولي ترى أن الاستهلاك المحلي للنفط في السعودية وصل لمعدلات مخيفة، تصل لحد التبذير بحكم السعر والدعم الحكومي، إذ تصل مستويات الاستهلاك السنوي إلى 6-8% من إجمالي الإنتاج، أي أربعة ملايين برميل مكافئ يومياً، بما فيها الغاز والديزل، ذلك بحسب إحصاءات أرامكو، وهو ما يعتبر الأكبر في معدل الاستهلاك العالمي، إذا ما قُورنت بأعداد السكان الذين لا يتجاوزون 21 مليون نسمة، الذين يرتفع معدل استهلاكهم عما يستهلكه الشعب الأمريكي، وهو ما يؤكد وجود تهريب وتسريب، مثل ترك المكيفات والأنوار تعمل دون حاجة، واستخدام الأنوار الصفراء، والمكيفات التي تهدر الطاقة، وعدم وجود النقل العام، مؤكداً أن مسؤولية حفظ الطاقة تحتاج لتغيير مفاهيم كثيرة وتتطلب جهوداً كبيرة لرفع كفاءة الأجهزة المنزلية، والاعتماد على النقل العام بدلاً من الاستهلاك المتزايد للوقود، إذ إن زيادة الاستهلاك المحلي يؤدي لنقص التصدير الخارجي. أبانمي: تهيئة شبكة مواصلات قبل اتخاذ قرار ارتفاع الأسعار. أوضح رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي أن الأرقام توضح أن دعم المملكة للوقود يذهب للطبقة التي لا تحتاجه، وليس للفقراء، مقترحاً التدرج في رفع الدعم، وأن تتجه السعودية للدعم الذكي بإصدار بطاقات تموينية للفقراء، إذ تشير الإحصاءات إلى أن من هم تحت خط الفقر في السعودية يصل عددهم إلى 700 ألف نسمة، وفقاً لإحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية لأعداد المسجلين في الضمان الاجتماعي، إلا أن تطبيق ذلك قد لا ينجح، خصوصاً مع زيادة أعداد ذوي الرواتب المتدنية الذين تصل رواتبهم إلى 1500 ريال وعملية «ربط الحزام» اقتصادياً قد لا تحتملها جميع طبقات الشعب، مثلما حدث في الأردن التي طلب منها صندوق النقد الدولي رفع تسعيرة البنزين وغيرها من السلع الرئيسية والاكتفاء بتوزيع بطاقات تموينية لفئة قليلة من الشعب، لكن الوضع في السعودية مختلف، حيث إنها لا تعاني من ديون خارجية، وغير وارد في المستقبل تقدمها بطلب للحصول على قرض من الصندوق. دعم البنزين يزيد معدل استهلاكه محلياً (الشرق) وشدد أبانمي على ضرورة البدء بتوفير البنى التحتية وإيجاد وسائل النقل العام، وغيرها من البدائل قبل التوجه لرفع أسعار الوقود، وهذا لن يتم قبل عام 2016 أي بعد الانتهاء من مترو الرياض، ومنع دخول وتصنيع الأجهزة ذات الاستهلاك العالي، وإيجاد البدائل التي تدفع بالمواطنين لخفض الاستهلاك، مشدداً على أن تبدأ الزيادة بالتدرج من 5%، وبعد خروج مشاريع النقل العام إلى النور ترتفع إلى 20%، ثم تتدرج الزيادات مع وجود البدائل حتى تصل للأسعار العالمية. من جانبه أوضح الأستاذ في جامعة الملك فيصل بالدمام الدكتور محمد دليم القحطاني أن التوجه لرفع أسعار البترول في المملكة سيوفر أكثر من 150 مليار دولار سنوياً. وأضاف: «بعملية حسابية بسيطة، إن عدد محطات البنزين في المملكة، تزيد عن ستة آلاف محطة بنزين، ويستهلك المواطنون يومياً ما يعادل أربعة ملايين برميل، إذ يباع البنزين بستة دولارات في السعودية بينما يباع ب 120 دولاراً في الأسواق العالمية. وتوقع القحطاني أن تتجه السعودية لتصدير البنزين لدول المنطقة، إذا ما بدأت مصافي البترول في ينبع والجبيل وجيزان بالعمل قريباً.