في الأيام الأولى للاعتقال، وبعد الانتهاء من التحقيق، وقبل إرسال المعتقلين إلى معسكرات الاعتقال.. هناك مرحلة الترويض، والتحطيم النفسي في الزنزانة الكونكريتية «الإسمنتية»، ببوابتها الحديدية، وطاقة المقصلة في بابها. حيث يُطلب من المعتقل أن يُخرج رأسه، ثم ينزل الجرار الحديدي على رقبته، ويبقى على هذه الحال عدة ساعات، يتسلى فيها الجنود والمجندات بصفعه على خده بين فترة وأخرى. صفعات خفيفة، ولكنها للإذلال ليس إلا. مساحتها «متران بمترين» فيها تسعة معتقلين. مرحاضهم سطل، ويحمل أحدهم البطانية إلى حين الانتهاء من قضاء الحاجة.. لا ماء، ولا غسيل، وجالونٌ بسعة 20 ليترا من الماء للشرب فقط لمدة أسبوع. جاء رمضان، وكان الجنود قبل الأذان بنصف ساعة يطرقون الأبواب الحديدية ويقولون «يا مسلمون قوموا صوموا» يقصدون تسحروا. كان طعامنا رغيف خبز كبيرا وسميكا، لكل ثلاثة أفراد، مع رأس بصل كبير، يزن ربع كيلوجرام تقريبا، وكنا رغم ذلك نصوم. وفي نهاية اليوم ال17 من رمضان – أيام قضيناها قبل نقلنا إلى معسكر الاعتقال، كما قال أحد المعتقلين – «بقي من طعامنا ثلاثة أرغفة، ورأسان من البصل. كنا في تلك الظروف القاهرة نصوم». هذه هي الحال في السجون الإسرائيلية، وهؤلاء المعتقلون أصبحت حالتهم أفضل مع مرور الأيام، لكن أحوال أسرهم، وأطفالهم أضحت أسوأ.. فأيُّ اتفاق على استئناف المفاوضات دون الإفراج عنهم أولا، خصوصا أن تهمهم سياسية ومرتبطة بما يتم التفاوض عليه بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟!.