البيع على قارعة الطريق قد لا يعد ظاهرة رمضانية، إلا أن الشهر الفضيل يتميز عن غيره بأن كثيراً من الباعة لا يظهرون إلا خلال ثلاثين ليلة ثم يختفون.. ويفسر بعضهم السبب في وجود نكهة خاصة تدفعهم لتكبد عناء الوقوف لساعات طويلة إرضاءً لدوافع روحانية خاصة. وإن كان بعض ممن التقيناهم يتخذون من هذه المهنة سداً للحاجة إلا أن الغالبية كانت تجمع بين الاحتياج المادي والجو الرمضاني. وكشفت الجولة التي قامت بها «الشرق» على عدد من محلات البيع أنها تأتي بسبب ضعف المادة وسوء الحالة الاجتماعية، حيث إن عدداً من هؤلاء الباعة سعوديون من فئة «البدون»، الذي لا يستطيع أن يشغل وظيفة رسمية إلا بصعوبة بالغة، بسبب عدم حمله الهوية الوطنية، لذا يلجأ للبيع على قارعة الطريق لسد حاجته وكسب رزقه «بعرق جبينه» حسبما أشار عدد منهم. وقال محمد عفات العامري: نبيع في مبسطنا منذ صلاة العصر وحتى أذان المغرب، ثم نعاود البيع بعد صلاة العشاء إلى الواحدة ليلاً، حيث إن بضاعتنا التي نبيعها الفواكه وبالتحديد «البطيخ والشمام» بالإضافة إلى «الرطب»، حيث نجلب فاكهة البطيخ من منطقة سكاكا، أما فاكهة الشمام فنجلبها من القصيم مع «الرطب»، مشيراً إلى وجود زبائن معروفين يأتون لهم بشكل يومي، ويفضلون الشراء منهم، وقال: جميع ما نجلبه من البطيخ يُباع خلال أيام قليلة ولا يتبقى إلا القليل. ويضيف: بيعنا في البسطة موسمي يبدأ من شهر 6 ويتكثف في شهر رمضان وليس على مدار العام، كما أنه أقل سعراً من السوق وأنظف بضاعة. وعن تضرر البضاعة من أشعة الشمس، قال مشعل شقيق محمد: نحفظ البضاعة في «تريلة براد» أو نضعها في «شاحنة دينّا» إذا كانت تريلة البراد ذاهبة إلى الجوف لجلب بضاعة أخرى، وبعد صلاة العصر نخرج البضاعة ونضعها في البسطة وكل خمس دقائق نرشها بالماء البارد الذي يقيها من حرارة الشمس ولا تتضرر، مُشيراً إلى أن لديهم مظلات ولكن لا يستطيعون تركيبها بسبب قرار المنع من البلدية. مطالباً البلدية بتوفير موقع خاص ومظلات رسمية أسوة بالمناطق الأخرى، مثل: النعيرية وحفر الباطن، حتى لو كانت برسوم مالية لن نمانع بالدفع. المواطن هادي الشمري قال: لا مانع أن يبيع هؤلاء الجائلة في بسطاتهم، بشرط أن يكونوا سعوديين وليسوا عمالة وافدة، لأننا نعلم بحالتهم المادية والاجتماعية، حيث إن أغلبهم «بدون»، ولولا الحاجة الماسة لما لجأ لهذه البسطة ومخالفة الأنظمة، مشيراً إلى أنه يحب الشراء منهم ودعمهم خاصة إذا كانت بضائعهم نظيفة وآمنة، مطالباً بلدية الخفجي بإعطائهم موقعاً رسمياً في سوق الخضار الجديد، مؤكداً أن «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق» كما يقول المثل. من جهته، ذكر مدير عام العلاقات العامة والإعلام والمتحدث الرسمي لأمانة المنطقة الشرقية محمد بن عبدالعزيز الصفيان ل»الشرق»: أن الأمانة تمنع الباعة والعمالة وافتراش الطرق والعربات من البائع الجائر سواءً في الخفجي أو خارجها، كما أن هناك جولات دائمة تقوم بها البلدية ممثلة في إدارة صحة البيئة وقسم النظافة ومراقبة الأسواق بكل ما يتعلق في هذا الشأن ورصد هؤلاء المخالفين وتسجيل العقوبات عليهم. حيث إن الأمانة تحرص على صحة المواطن والمقيم، كما أنها تدعو كل المواطنين والمقيمين على حد سواء عدم التعاون مع هؤلاء والشراء من قبلهم، كما أن البضائع التي يقومون ببيعها منتهية الصلاحية أو تكون بضائع يكسوها الغموض، منوهاً بضرورة التعاون مع البلديات والإبلاغ عنهم. بضائعنا نظيفة ومضمونة يخرج قطعة من البطيخ أمام الزبون للتأكيد على لونها الأحمر (الشرق)