مشهد ألفناه في عدد من مدن المملكة وهو وجود عدد من البائعات على الأرصفة بجوار المراكز التجارية أو في الأسواق الشعبية، والغريب في الأمر هو السماح لهن بالبيع على قارعة الطريق ومنعهن من البيع داخل السوق، رغم استعدادهن لاستئجار محلات داخل السوق، والبيع والشراء في أجواء مناسبة، بعيداً عن الطريق وحرارة الأجواء!. في جدة وقرب سوق المرجان تحديدا، تطور الأمر بعد أن قدم مشروع عبداللطيف جميل مظلات تؤوي بضاعة هؤلاء البائعات وتحميها من مصادرة موظفي الأمانة، ولكن هذه المظلات لايمكن لها أن تعطيهن راحة البال خاصة وأن بضائعهن معرضة للسرقة لأنها في مكان مكشوف، إلى جانب الأجواء الحارة التي يعانين منها لساعات طويلة. أم محمد احدى البائعات في هذه البسطات قالت: الوضع الآن أفضل من السابق لأننا كنا نترك بضائعنا على الرصيف وكنا نخاف من موظفي الأمانة الذين يصادرون بضائعنا التي تمثل قوت أولادنا، والحقيقة أننا لم نقدم على البيع في هذه الأماكن إلا لحاجتنا وظروفنا الصعبة فمعظمنا مسؤولات عن بيوت بالكامل وأوضاعنا المادية صعبة وما يقدم لنا من الضمان الاجتماعي لايكفينا، وهذا العمل الذي نقوم به ليس فيه أي شيء يعيب المرأة، بل بالعكس يجعلها أكثر تحملاً للمسؤولية والبحث عن "الرزق الحلال". وتضيف أم محمد ما يقلقني دائما هو خوفي من سرقة البضاعة عندما لا نكون موجودات سواء في الليل أو النهار، فهذه البضاعة هي كل ما أملك وهي مصدر رزق أبنائي، وفرحنا عندما سمعنا عن "نسونة" محلات بيع ملابس النساء ولكن توقف الأمر!، ولو تم هذا الأمر لساعدنا كثيرا، فالبيع داخل السوق يختلف عن الرصيف، صحيح أن الإيجارات في الأسواق غالية ولكن الدخل يغطيها بدليل وجود هذا العدد الكبير من العمالة الوافدة التي تتكسب بشكل كبير، و"نحن أولى من الغريب"!. وتشاطرها الرأي جارتها في البسطة أم عبدالله وتطرح تساؤلا عن عدم السماح لهن بوضع بسطاتهن داخل المراكز التجارية، فالجو على الأرصفة كما تصفة أم عبدالله لايمكن للرجال تحمله وهم بدون غطاء على الوجه فكيف بنا نحن النساء؟، ولكن الحاجة هي التي اجبرتنا على ملاصقة المراكز التجارية، بينما العمالة الوافدة تبيع للنساء في الداخل وهم يتمتعون ببرودة المكيفات ونحن محرومات منها، وتختتم حديثها نحن نبيع خارج السوق فما المانع من أن نبيع داخله، ونستأجر المحلات؟ ويقول ياسر العبدالفتاح (متسوق) لقد عقدت اتفاقاً مع زوجتي على أساس أن أياً من المستلزمات التي نحتاجها وتكون متوفرة عند البائعات خارج السوق فإننا لا نشتريها من داخل السوق، لأنه من حقهن علينا أن نساعدهن في أن يكسبن رزقهن بالحلال، وبالتأكيد لايمكن لأي امرأة أن تقبل بالجلوس في هذا الوضع، إلا إن كانت محتاجة فعلا. ويضيف ياسر إنني أواجه إحراجاً شديداً عند شراء الملابس الداخلية لزوجتي، فلا يمكن أن أتركها تطلب من البائع مباشرة وعندما أطلب منه أجد نفسي في موقف محرج، مشيراً إلى أنه لا يعرف أسباب عدم السماح للنساء بالبيع داخل الأسواق، فالمرأة موجودة داخل السوق سواء كانت بائعة أم مشترية.