مازالت قرى الأحساء وأحياؤها القديمة معتادة على المسحراتي .. الذي اصطلح الأهالي على تسميته ب «أبو طبيلة». في الماضي كان له حضور قوي في ليالي رمضان .. يترقبه الأهالي .. وربما تكاسلوا وتركوا النوم يغلبهم اعتماداً على صوت طرقاته المنتظمة وصوته الذي يوقظهم من سباتهم ليتناولوا طعام السحور. يطوف الحارات ومن حوله بعض الصبية يدقون الدفوف .. لا تعطله تقلبات الطقس والأجواء .. يحافظ على عادته التي ألفها الناس منذ مئات السنين. ويعد «أبو سلمان» واحد من أشهر من مارسوا هذه المهمة، ويعتقد أن من واجبه إيقاظ الأهالي بعد منتصف كل ليلة من ليالي رمضان ليتناولوا سحورهم حفاظاً على هذه العادة القديمة التي ورثها عن والده. ويرى أن هناك فئة تحتاج لسماع دقات الطبول للاستيقاظ من نومها، خصوصا كبار السن من سكان القرى والحارات القديمة في الأحساء الذين اعتادو على الخلود للنوم باكراً بعد تبادل الزيارات فيما بينهم. ويشير «أبو سلمان» إلى أنه لا يتقاضى أجراً مقابل عمله، لأنه يحب هذه العادة القديمة ويحرص على إحيائها. ويشير إلى أنه في الماضي، كان من يقوم بهذه المهمة يتحصل على كميات من الأرز من بعض سكان الحي، أما في الوقت الحالي فإنه يقوم بتلك المهمة للترفيه وأحياء بعض العادات الجميلة. ويعد المسحراتي أو «أبو طبيلة» من الشخصيات المحببة للأطفال، ولا أحد يعرف تحديداً سر حبهم له، فهم ينتظرونه، ويرافقونه في جولاته بالأحياء مرددين وراءه بعض الأهازيج التي يصدح بها، كما يحرص أبوطبيلة على مشاركة الأطفال أفراحهم في بعض المناسبات كالقرقيعان وأيام الأعياد حيث يقوم بعض السكان بمكافأته على مجهوده بمنحه كميات كبيرة من المكسرات والحلوى أيام القرقيعان أو منحه مبالغ نقدية أيام الأعياد نظير مابذله من جهود طوال ليالي الشهر الكريم. ولم تفلح مظاهر التقدم في أن تنسي الناس تلك العادات التي ترتبط رباطا وثيقاً بشهر الصيام، وتبقى كامنة طوال العام لتستيقظ مجدداً وتحيي الذكريات الجميلة.