يشير فوز حسن روحاني المعتدل في الانتخابات الرئاسية الإيرانية إلى أن ميزان قوى جديداً داخل المجتمع الإيراني بدأ في الظهور بعد قمع الحركة الإصلاحية إثر الانتخابات الرئاسية الماضية عام 2009. ولعل هذا يشكل تحدياً للرئيس الجديد عليه أن يتعامل معه حتى يتمكن من التعاطي بإيجابية مع الثنائية الجدلية في إيران، وهي ثنائية «الإرادة الشعبية وإرادة مرشد الثورة». روحاني يدرك أنه سيعمل في إطار نموذج سلطة خاص فرضه الدستور الإيراني الذي أعطى صلاحيات مطلقة للمرشد الأعلى، وبالتالي فرَّغ منصب الرئيس من مضمونه ليصبح بمنزلة مدير عام. الواقع الإيراني يقول إن المرشد الأعلى بإمكانه أن يعطل أي قرار يتخذه الرئيس إذا لم يقتنع به، هذا من جهة ومن جهة أخرى ينتظر الرئيس الجديد عديد من الملفات الصعبة في الشأن الداخلي والخارجي، بعضها استراتيجي كالملف النووي ونتائجه الاقتصادية التي وضعت إيران في أزمة اقتصادية خانقة، وكذلك العلاقة مع المحيط العربي. أما التحدي الأخطر في هذه المرحلة فهو ملف سوريا ودعم بشار الأسد حتى النهاية كما يريد المرشد. وعلى المستوى الداخلي، فأمام روحاني تحديات فيما إذا كان ينوي فعلاً مواجهة المحافظين والمتشددين الذين يسيطرون على البرلمان وعلى مفاصل الدولة في السياسة والاقتصاد، إضافة للحرس الثوري الذي أصبح دولة داخل الدولة، وبات لزعمائه مصالح خاصة على الصعيد الاقتصادي، وهم يحظون بدعم خامنئي المطلق، إضافة إلى الباسيج والمخابرات اللتين يسيطر ويتحكم فيهما رجال خامنئي. أيضاً كيف سيتعامل الرئيس الإيراني الجديد مع قادة الحركة الإصلاحية الموجودين قيد الإقامة الجبرية، وهل سيعيد لهم الاعتبار خاصة أن التيار الإصلاحي هو من رجح كفته؟ من الصعب التكهن كيف سيعالج الرئيس المنتخب هذه الملفات الشائكة والمعقدة، خاصة أن الملف النووي الذي وضع إيران في مواجهة الغرب وانعكست نتائجه على المواطن الإيراني بأزمة اقتصادية باتت تضغط على حياته اليومية، هو من اختصاص خامنئي، وهو خيار استراتيجي بالنسبة لإيران إضافة للعلاقة مع المحيط وإمكانية إقامة علاقات متوازنة مع الجوار والمحيط بعيداً عن المشروع الفارسي وولاية الفقيه. إضافة إلى ما سبق، فإن روحاني أطلق بنفسه مجموعة من التحديات، وفي مقدمتها استعادة العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ووضع ميثاق للحقوق المدنية. يأتي ذلك في ظل انتهاج سياسة العداء لأمريكا عبر العقود الماضية واعتبارها عدواً. كيف يمكن أن يتعامل الرئيس الإيراني الجديد مع كل هذا في إطار صلاحيات محدودة؟ هل سيلجأ إلى الشارع الذي أوصله أم سيتراجع أمام جدار المرشد الأعلى؟