أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    ترسية المشروع الاستثماري لتطوير كورنيش الحمراء بالدمام (الشاطئ الغربي)    "نايف الراجحي الاستثمارية" تستحوذ على حصة استراتيجية في شركة "موضوع" وتعزز استثمارها في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي    حسين الصادق يستقبل من منصبه في المنتخب السعودي    السند يكرِّم المشاركين في مشروع التحول إلى الاستحقاق المحاسبي    غربلة في قائمة الاخضر القادمة وانضمام جهاد والسالم والعثمان وابوالشامات    تمديد الدعم الإضافي لمستفيدي «حساب المواطن» حتى نهاية 2025    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي واستعمال أوراق نقدية مقلدة والترويج لها    866 % نمو الامتياز التجاري خلال 3 سنوات.. والسياحة والمطاعم تتصدر الأنشطة    الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم وحريصون على التنسيق الدائم معها    وزير الاستثمار: 1,238 مستثمرًا دوليًا يحصلون على الإقامة المميزة في المملكة    مسرحية كبسة وكمونيه .. مواقف كوميدية تعكس العلاقة الطيبة بين السعودية والسودان    بحضور وزير الثقافة.. روائع الأوركسترا السعودية تتألق في طوكيو    تعطل حركة السفر في بريطانيا مع استمرار تداعيات العاصفة بيرت    NHC تطلق 10 مشاريع عمرانية في وجهة الفرسان شمال شرق الرياض    جبل محجة الاثري في شملي حائل ..أيقونه تاريخية تلفت أنظار سواح العالم .!    وزير الصناعة في رحاب هيئة الصحفيين بمكة المكرمة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سورينام بذكرى استقلال بلاده    مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جعفر عباس ل الشرق: لا يمر عليّ أسبوع دون «شتيمة»


الرياض – يوسف الكهفي
طلَّقت الصحافة بعد انتشاري «وبائياً».
لست رخيصاً لأمدح مَنْ دعاني إلى طعام أو استضافني في فندق.
لو تفرغ غازي القصيبي للكتابة الساخرة لما «أكلنا عيش».
الصحافة السعودية قدَّمتني للقارئ.. ولن أعمل لجهة تدفع لي راتباً.
كاتب صحفي.. عرف بكتاباته الساخرة، واشتهر بها، عمل في عديد من المطبوعات الخليجية والعربية وما زال يواصل ركضه الساخر، إنه الكاتب السوداني جعفر عباس الذي هرب كثيراً من هذا اللقاء، وفي كل مرة كنت أحاول فيها جره إلى «الشبك» يقول لي: «كفاني الله شر شباكك» اتركني بحالي، وعندما ألح عليه يقول «أرسل لي المحاور وأجيبك عليها» لأرد عليه: لا أؤمن بهذا الأسلوب.. ولكن الزمن كفيل بأن يضعك بين يدي لأعيد كل «هللة» كسبتها من جيوبنا ب «الأونطة». وخلال زيارته للرياض الأسبوع الماضي وبعد أن حزم حقائبه متأهباً للسفر إلى الخرطوم لمتابعة حالة زوجته الصحية هناك، أبلغني أحد الأصدقاء بوجوده وبأنه على وشك «الهروب» فذهبت على عجالة، وقطعت عليه الطريق، ولم أتركه حتى «اعترف أنه انتشر وبائياً» ولا يمر أسبوع دون أن يتلقى «شتيمة». واعترف أنه مكث في فندق فور سيزونز في برج المملكة «ثمانية» أيام «متسللاً ببلاش» ولم أتركه حتى أخبرني بأنه طلق الصحافة كأجير، ولن يعمل لجهة تدفع له راتباً شهرياً.
إليكم جعفر عباس وحواره الذي انقلبت فيه السخرية على الساخر..
انتشار وبائي
* أين أنت؟
موجود.. حي أسعى، ولكن بعد ما شعرت بأنني «انتشرت وبائياً»، أحببت أن أخفف الجرعة، وانشغلت بأشياء أخرى أعتقد أنها أكثر جدوى، ولم تعد الشهرة شاغلي، ولا حتى الكسب المالي من الكتابة.
استغلال «فيسبوك»
* تعني بأنك اكتفيت؟
ليس في الأمر اكتفاء أو اعتزال فما زلت أكتب مقالات يومية في ثلاث صحف خليجية وصحيفة سودانية، وكل ما في الأمر هو أن توزيع الصحف عموماً لم يعد عالياً كما كان الحال قبل عشر سنوات مثلاً، لذلك أصبحت مقلاً لاعتبارات كثيرة، فقد تعمدت أن أقلل من انتشاري وأكون» ثقيلا شوية» وأركز على كتابات أكثر ديمومة، وعملت على إصدار كتب كان آخرها «سيرة وطن في مسيرة زول» وسعدت بأنه وجد رواجاً عالياً في السودان وقطر وأعتزم توزيعه في المملكة قريباً، كما أعمل على إصدار كتاب باللغة الإنجليزية، واستغل التقنية الحديثة خاصة «فيسبوك» للتواصل اجتماعياً مع القراء، ولدي عشرات الآلاف يقرأون مقالاتي يومياً في «فيسبوك».
عربي مُهجّن
* إصدار كتاب باللغة الإنجليزية هل نفهم منه بأنك تتطلع إلى العالمية؟
هل كوني كاتباً عربياً يعني أنني من كوكب زحل؟ لا أفهم مفهوم العالمية الذي نردده حول الآداب والفنون، والمهم: أنا أساسا إنسان نوبي، وعربي مُهجّن، واللغة العربية ليست لغتي الأم، تعلمت اللغة العربية بالحديد والنار والضرب والجلد، تعلمتها في المدرسة، فأنا نوبي ووالدتي رحمها الله لهجتها تقول «ياجافر تعالي – أنتي رحتي فين يا ولد يا مطموسة»، ليس في لغتنا مذكر ومؤنث، وكان دخولي مجال الصحافة من بوابة اللغة الإنجليزية بمعنى أنني عملت في بداية مسيرتي الصحفية في صحيفة إنجليزية.. والإنجليزية كانت مادة تخصصي في الجامعة، بل كانت مادة عبوري لعديد من الجسور الأكاديمية بمعني أنني كنت أعوض بها الفاقد من الدرجات في الرياضيات.
كائن ساخر
* هل للبيئة النوبية دور في أسلوبك الكتابي الساخر؟
الإنسان النوبي بطبعه كائن ساخر، والسخرية رزق من عند الله، فلا تكتسبها بالممارسة والمكابدة، فأنا أكتب بنفس الطريقة التي أتوّنس بها مع الناس، والأصدقاء هم من شجعوني على الكتابة بنفس الأسلوب الذي كنت أستخدمه في الونسة أو في المراسلات البريدية معهم.
حضارة 6000 سنة
احمل الهوية العربية
* من خلال الإجابتين السابقتين وجدت ما يشير إلى أنك تخلصت من «عُقدة» أنك «لست عربياً»؟
ليس لدي عقدة، أنا لست عربياً من الناحية العرقية ولكنني عربي الهوى والهوية دون أن «أستعر» من أصلي الإفريقي، ولست من الأشخاص الذين يفبركون شجرة نسب أو عائلة ب «الأونطة»، الشعب النوبي شعب يتكئ على حضارة عريقة، وما زلنا نتكلم اللغة التي كان يتكلمها أسلافنا قبل 6000 سنة، ولكننا شعب مُهاجر عبر التاريخ، وصلنا إلى الجزيرة العربية قبل أي جنس آخر، ونحن كما قال ابن خلدون: «قوم بهم خفة وطرب»، النوبيون يحبون الموسيقى والغناء، شعب فرائحي، يصنعون الفرح ويفتعلون المناسبات المفرحة، كي يبتهجوا، وجميع رواد الكتابة الساخرة في السودان كانوا من أصول نوبية.
ثقافة عربية
* لكنك استفدت كثيراً من العرب، مادياً ومعنوياً وثقافة وشهرة، بمعنى أن «ربعك النوبة» لم ينفعوك.. أليس كذلك؟
«ربعي ما فيهم خير» (يقولها ضاحكاً).. كما أسلفت فإنني عربي ولكنني لست عروبياً، بل إنني فخور بعشقي للغة العربية، وهي اللغة التي جعلت مني صحفياً وكاتباً صحفياً، وربطت بيني وبين القراء، وهي لغة أكل عيشي سواء في الكتابة أو العمل اليومي، واللغة النوبية منطوقة ولكن غير مكتوبة، ولا تعجبني عبارة «استفدت من العرب»، وكأنني دخيل عليهم بينما نحو 90% من عرب عالمنا المعاصر مستعربة مثلي، ولكنني أتوقف عند تساؤلك عن استفادتي ثقافياً من العرب وأسألك بدوري: ما هو النتاج الثقافي العربي بعيداً عن منظومة الإسلام؟.. لا توجد ثقافة عربية بحيث أن تستطيع أن تقول هناك قواسم ثقافية مشتركة، بين تونس والصومال مثلاً، أو موريتانيا ولبنان، أو السودان وجزر القمر، «هناك مساعٍ لتعريب تشاد بضمها إلى الجامعة العربية»!! هناك ثقافة إسلامية تجمعك مع شخص في إندونيسيا.. ويتم عن طريق البلطجة نسب نتاج الثقافة الإسلامية ل»العربية»، ولكن ما هي معالم ونتاج الثقافة العربية المعاصرة على الأقل؟ فقد ظللنا نمر بمرحلة انحطاط طويل الأمد في ظل الحجر على حرية الفكر والنشر والتعبير، نعم هناك مثقفون عودهم قوي، يمثلون خميرة مشروع ثقافي عربي، ولكن في المقابل هناك مثقفين كُثر فضّلوا الهرولة نحو السلطة وتملق السلاطين، وهذا أفقد كثيراً من المثقفين مصداقيتهم واحترامهم بين الجماهير.
اتهام باطل
* كيف تقول ذلك وأنت أول من «يجري» أمام مثقفينا نحو هذه الأهداف؟!. ودائماً ما تكتب صديقي الوزير فلان وأشكر فلاناً على حسن الضيافة وممنون للدعوة الكريمة. . وهكذا؟
هذا اتهام باطل. . ليس لدي صديق وزير ذكرته كثيراً في مقالاتي سوى غازي القصيبي -رحمه الله-، ولم أقرن اسمه بالوزارة إلا بعد وفاته، حتى إنني لم أكتب مرة واحدة الدكتور غازي القصيبي،كنت أقول صديقي غازي، ذكرته كصديق ولم أمدحه كوزير لأنني معجب به ككاتب وأعتقد أنه من أبدع الكتاب الساخرين وأن المناصب الرسمية حرمته من الانطلاق ككاتب ساخر… وهو بالمناسبة من بادر بمراسلتي وتشجيعي على الكتابة.. المهم أنني لم أنافق صاحب سلطة أو منصب مع أنني أعرف عديداً من الوزراء في عدد من البلدان بل إن علاقات اجتماعية وودية قوية تربطني بوزير الدفاع السوداني الحالي ونتبادل الزيارات المنزلية ولكن لم يحدث قط أن قلت كلمة طيبة في حق الحكومة التي هو عضو فيها منذ 24 سنة وهو يعرف عني ذلك.. وإذا شكرت مسؤولاً لأنه دعاني إلى مناسبة ما فهذا من حسن الأدب، وقد دعاني أمير منطقة المدينة الحالي الأمير فيصل بن سلمان لحفل بمناسبة مرور 25 سنة على صدور صحيفة الشرق الأوسط قبل سنوات واستضافني وعشرات الصحفيين في فندق فور سيزونز في برج المملكة في الرياض وانتهى الحفل وسافر المدعوون، وطاب لي المقام في الفندق الفخيم فمكثت فيه ثمانية أيام «متسللا ببلاش»، وعندما كتبت عن هذه المناسبة قلت إن الأمير فيصل دعانا إلى غداء وكان كله من الأكلات البحرية المخيفة: قواقع وعقارب «اسم الدلع لوبستر»، وأنه لما رأى الرعب الذي انتابني من رؤية تلك الكائنات، طلب لي شريحة لحم وأتوني بشريحة سمكها نحو عشرة سنتيمترات، وكتبت قائلاً إنه قدم لي لحم وحيد القرن ولو اعتبرت هذا نفاقاً فأنت حر.
تكسُّبٌ صحفي
* قلت إنك اكتفيت مادياً وشهرة. . معناه أنك «شبعت»؟
«يقاطعني» أنا لم أقل ذلك، بل قلت إنني لم أعد أستخدم الكتابة مطية للتكسب أو الشهرة كما كان الحال قبل سنوات، ولا أنكر أن الصحافة السعودية بالتحديد هي التي قدمتني حتى للقارئ السوداني، ولا أنكر أنني استفدت مادياً من الكتابة الصحفية ولكن ذلك الكسب لم يكن صدقة، بل لأن عندي بضاعة وكل كاتب له مكافأة توازي ما يستقطبه من قراء، ورؤساء التحرير ليسوا بلهاء لكي يكافئوني بما لا أستحق، في يوم من الأيام كانوا يعطونني على المقال خمسين ريالاً، ولن أنسى أن فرحتي بأول رسالة من قارئ كانت أعظم من فرحتي بالخمسين ريالاً.
حكم القارئ
* ما هو آخر سعر وصلت له؟
أنا لا أتكلم عن تسعيرة، فلست في سوق نخاسة، وقلت إنني تعمدت في السنوات الأخيرة أن أكون مقِلاً، رغم أن ذلك يعني تقلص العائد المالي من الكتابة، وبلا أي ادعاء للتواضع أقول إنني لم أعد معنياً بالتكسب من كتابة المقال الصحفي، بقدر حرصي على التواصل مع القراء ولهذا فإنني شديد الاهتمام بصفحتي في «فيسبوك» التي لا أمارس فيها الونسة «الشات» بل أنشر مقالات قديمة وجديدة وأتداخل مع المعقبين عليها، وأجد في هذا متعة يصعب وضع تسعيرة لها، وقد كنت أكتب في الصحف القطرية وذهبت إلى لندن وكتبت في القدس وانتقلت إلى مجلة «المجلة» ومنها كتبت في جريدة الوطن السعودية واختلفت مع أحد الإداريين فيها «وليس هيئة التحرير» وانتقلت إلى عكاظ، ثم جريدة اليوم التي ما زلت أكتب فيها عموداً أسبوعياً، ولم أكن مسنوداً من أحد ولم يحدث قط أن استجديت صحيفة كي تمنحني عموداً أو زاوية، ودون ادعاء للتواضع أقول إنك لو دخلت إلى «جوجل» لوجدت أن اسمي مذكور مليون مرة على الأقل ولاقتنعت أنني لست كاتب «أونطة»، لأن مئات المنتديات العربية تنشر مقالاتي بانتظام بل هناك من ينشرها يومياً، والحكم على الكاتب هو القارئ وليس مدير أو رئيس التحرير لأي مطبوعة.
حُسن الضيافة
* لم تجبني عن «نشكركم على حُسن الضيافة»؟
أي ضيافة وأي بطيخ.. لست رخيصاً بدرجة أن أمدح من دعاني إلى طعام أو استضافني في فندق عند دعوتي لحضور فعالية معينة.. فانا لا أطأطئ رأسي إلا لله ولا أسمح لأحد أن يملي على شيئاً، وقد سبق وأن توقفت عن الكتابة لصحف حاولت جهات فيها أن تملي عليّ أشياء محددة، مثلاً اكتب عن مناسبة كذا أو أنت لم تكتب عن كذا، فرفضت وتوقفت عن الكتابة فيها… لست ممن يبيعون أعمدتهم مفروشة ولم أنافق صاحب سلطة أو جاه.
جودة تحريرية
* ماذا عن قناة الجزيرة؟
مالها قناة الجزيرة؟!.. أنا كادر مؤسس فيها وما زلت عضواً فاعلاً في أسرتها، وكنت مؤسس قسم الجودة التحريرية فيها.
ضبط الإثارة
* تقصد أنت من أسس الإثارة؟
كنت مسؤولاً عن ضبط الجودة التحريرية، أي ما هو نقيض «الإثارة» التي تتحدث عنها، ولن أتكلم عن قناة الجزيرة لا سلباً ولا إيجابا لأن هناك جهة محددة تنطق باسمها.. والحكم على القناة التي أصبحت شبكة، متروك أيضاً للجمهور عامة وليست لي أو لك أو لفئة محددة.
لوائح العمل
* ما الذي يغضبك في الحديث عن هذا الجانب؟.. ألا تؤمن ب «الرأي والرأي الآخر» أليس هذا شعاركم؟
بلى، وأنت حر في رأيك، ولكن لوائح العمل في الشبكة تمنع العاملين فيها من التحدث مع وسائل الإعلام مدحاً لها أو قدحاً، لأن لها ناطقين رسميين باسمها، وما قد لا يعرفه معظم قرائي هو أن كتابة العمود الصحفي بالنسبة لي هواية و»زيادة خير»، وأنا وبالخبرة التراكمية صحفي مُحترف، ولا أعمل لدى أي جهة تتناقض توجهاتها مع قيمي الشخصية، وعملت في الصحافة المطبوعة في الأقسام المحلية والدولية، وكتبت الافتتاحيات «السخيفة»: المصير المشترك والتضامن العربي، والوحدة العربية، والطريق إلى فلسطين صار ممهداً، أقصد أنني مارست الصحافة الورقية دهراً طويلاً ثم انتقلت إلى الصحافة التليفزيونية.
لغة خاصة
* كتاباتك في الصحف السودانية هل هي بنفس الطابع الذي تكتب فيه بالصحف العربية والخليجية؟
كتاباتي في الصحف السودانية أكثر نقداً وأكثر حدة، ولكنها الأقرب إلى قلبي لأنني أخاطب أهلي في شؤونهم بلغة خاصة وحميمة وبالمناسبة فإن مقالاتي لم تتعرض للإيقاف إلا في وطني حيث تم إيقافي أربع مرات وبطرق ملتوية.
مثقفو الثورات
* تعني بأنك لست من «مثقفي الثورات»؟
لست من هذه النوعية، بمعني أنني لا أنتظر موجة يصنعها غيري لأركبها، ولا سبيل لإنكار أن مثقفين شرفاء ساهموا بكل جسارة في أحداث النقلات الكبرى التي شهدتها عديد من الدول العربية، وبالمقابل هناك كثير من المثقفين أو ما يسموا بالمبدعين كانوا مطبلين، وعندما جاءت ساعة الحسم غيروا جلودهم وصاروا ثورجية.. والثورة السورية الباسلة أسهم في إشعالها مثقفون شرفاء، بينما هناك مثقفون فئة تجار الشنطة ما زالوا يراهنون على جواد خاسر ويطبلون لحكومة في حالة موت سريري.
عمر افتراضي
* برأيك هل هناك عمر افتراضي للكاتب؟
الأعمار بيد الله، فهناك أشخاص ينهارون في الخامسة والأربعين، وهناك من يستمر في الكتابة حتى سن التسعين، وطالما أنت لديك عقل متيقظ ولديك القدرة على التفكير ولم تخرّف، فأظن أنك تستطيع الكتابة وقادر عليها بغض النظر عن عمرك البيولوجي الحسابي.
رحلة الخرف
* هل لنا أن نعرف كم بقي من المسافة بينك وبين مرحلة «الخرف»؟
أعتقد أنني تجاوزتها «من زمان».
تأدية واجب
* بصراحة هل حدث وأن كتبت مقالاً لمجرد تأدية واجب فقط.. أي أن تكتب شيئاً لست راضياً عنه؟
لقد طلقت الصحافة كأجير، فأنا لا أعمل لجهة تدفع لي راتباً شهرياً كصحفي، فالعمود الصحفي اليومي أكتبه في البيت على «رواقة» ولكن في أحايين كثيرة أنشر أشياء وأنا غير راضٍ عنها، الكتابة اليومية مرهقة، وعنصر «الكلفتة» موجود ولا يفوت على القارئ، فهناك قراء أذكياء يبعثون برسائل على إيميلي فور انتهائهم من قراءة المقال ويقولون لي: «ما هذه الخرابيط» ومن جهتي أقدر هذه المسألة بقناعتي بأنني كتبته كأداء واجب ثقيل، ربما أكون كتبته وأنا «مزنوق» وليس لدى ما أقوله، وهناك في علم النفس ما يسمى بالانسداد، «رايترز بلوك» فأحياناً تكتب في مجلة نصف شهرية أو شهرية فتجلس خمسة أيام حتى تكتب مقالاً وأنت مطالب بمقال واحد في هذه الفترة.
حب الشعر
* هل تحب الشعر يا أبا الجعافر؟
لا يمكن أن تقع عيناي على قصيدة دون أن أقرأها، أقرأ أول بضعة أسطر فإذا ما شعرت بوجود شعر فيها تجدني أكمل قراءتها وإن وجدت بأن شاعريتها متقنة أقصها وأحتفظ بها، ولا يخلو جيبي – يومياً – من قصاصة سواء قطعة نثرية أو شعرية.
طالب المطافي
* وهل تكتب الشعر؟!
لا.. لم أكتب شعراً سوى قصيدتي المشهورة: «من نارك يا جافي.. أنا طالب المطافي» وضربت فيها ضرباً شديداً من قبل مدرس اللغة العربية حينها، واعتبره كلاماً ركيكاً وقبر موهبتي، ولكني أحب الشعر وأستطيع معرفة ما إذا كانت القصيدة موزونة أو غير موزونة، وأعتقد أن لدى حساً موسيقياً رفيعاً.
شتائم غاضبة
* هل تتلقى رسائل شتم؟
مغادراً
نعم.. هناك رسائل غاضبة وأقف عندها، فذات مرة كتبت مقالاً بعنوان: «أعور في بلد عميان» فاتهمني بعضهم بأنني تعمدت تجريح المعاقين، وفي مقال آخر كتبت عن أكلة شعبية سودانية وقلت إنها من عصر ما قبل الثلاجات، فأتتني ردود تقول: «ومن قال لك بأن كل السودانيين اليوم يملكون ثلاجات؟». فأنا أتسلم آراء مختلفة غير أن معظمها تكون إيجابية.. ولكن لا يمكن أن يمر أسبوع دون أن أتلقى شتيمة.
جعفر عباس خلال حديثه للزميل يوسف الكهفي (تصوير: رشيد الشارخ)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.