وصف الكاتب والإعلامي داوود الشريان الصحافة العربية بالمترهلة مستثنيًا منها اللبنانية التي اعتبرها بالصارمة، حيث انتقد النص الصحفي في الصحافة المصرية واعتبره نصًّا مترهلاً واستطراديًا مشيرًا إلى أن الذي يكتب في ربع صفحة يمكن أن يكتب في صفحة ونصف، فالكلام سهل مسترخص، على عكس اللبنانية فإن النص فيها صارم، بالرغم أن العبارة الصحفية في الأساس مصرية، وأنا صناعة مصرية، مؤكدًا أن الصحافيين المصريين حاليًا ليسوا بمستوى القدامى. جاء ذلك في محاضرة له بعنوان “صناعة العمود الصحافي” في مقعد ناظر بالقاهرة بحضور حشد كبير من الكُتّاب والصحفيين ومثقفين؛ حيث أشار إلى أن العمود الصحفي يرتبط ويتأثر بشخصية الكاتب وأسلوبه فإن كان الكاتب متطرفًا أصبح عموده متطرفًا، لافتًا إلى أن التطرف نزعة وسلوك لا علاقة له بالفطرة، وإن كان متسامحًا أصبح العمود يمتاز بالهدوء، مبينًا أن الصفات الشخصية لها دور كبير في شكل وطريقة كتابة المقال العمود ،كما أن العمر له علاقة وثيقة أيضًا حيث أن الفحولة والرجولة في بداية العمر مرتبط بالكتابة. وتطرق الشريان لمعايير ومضامين العمود الصحفي الناجح والأسس القائمة على كتابته، وأوضح أن الكلمة الأولى في كتابة العمود الصحافي هي الأهم من بقية النص، كما شبهها بالطلقة النارية التي يجب أن تخرج لتصيب الهدف، مؤكدًا أن مسألة طقوس الكتابة كذبة ووهم كبير، حيث إن الكتابة بعد قليل تتساوى فيها الموهبة بالصنعة لا بل تتداخلان لا تدري أهي موهبة أم صنعة؟، مشيرًا إلى أن الكاتب يستطيع الكتابة وهو يمارس أو يدير عمله، مبينًا أنه لم يمسك قلمًا منذ عام 1988 وظل يكتب من خلال الكمبيوتر طوال هذه المدة. وأوضح داوود الشريان أن الكاتب في البداية يسأل نفسه يريد أن يقلد من أو سيكتب مثل من؟ مشيرًا إلى أنه في بداية حياته تأثر بكتّاب مصريين، ففي الأسلوب الساخر بجلال كشك، لافتًا إلى أن السخرية تحتاج إلى مناخ عالٍ وإلى أعلى درجات الحرية وليس صحيحًا أنها تهريج، وبمعناها الحقيقي السخرية من كل شيء وألا تقف عند حدود معينة، مؤكدًا أن الكتاب الساخرين في المنطقة العربية قلة بسبب سقف الحرية. وأبان أن العمود الصحفي هو مصنع العبارة القصيرة، كما أن العبارة القصيرة هي مدماك العامود الصحفي، وأن كاتب العمود الذي يكتب جملة من أربعة أسطر لا يصلح أن يكتب عمودًا ولكنه يصلح أن يكتب دراسة أو محاضرة، موضحًا أن العمود يجب أن يكون إيقاعه سريعًا كأنك تصعد درجة تبدأ الفكرة وتنهيها، حيث أن القارئ ليس لديه الوقت لتضييعه في مقال طويل. معتبرًا كتاب الأعمدة ذوي الخلفية القانونية أفضل الكتاب بما لديهم من منطق، ويليهم المتخصصون في التاريخ باعتبار أن عندهم ثراء في اللغة، مؤكدًا أن التخصص مهم جدًّا لصناعة كاتب مقال.