أبها – سارة القحطاني نافسَت «الأعراس» على صالات الأفراح والاستراحات. الملغوث: عادة سلبية كبَّدت أسر الخريجين مبالغ باهظة ولابد من التثقيف. سفر: حفلات النجاح تبيان لنعمة الله على الخريجين والخريجات. آل شايع: ظاهرة دخيلة يترتب عليها هدر مالي ومخالفة للشرع. العسيري: طلبت ابنتي مني 2500 ريال لليلة حفلة التخرج. انتشرت فكرة إقامة حفلات التخرج والنجاح لطلاب وطالبات الثانوية العامة والجامعات على صالات الأفراح والاستراحات بعد أن كانت تقام في باحات الجامعات والمدارس، وتبدأ مع نهاية الامتحانات وتسلم شهادات النجاح سباقات محمومة للظفر بالقاعات المشهورة والاستراحات المرموقة التي كانت مقصورة من قبل على حفلات الأعراس والمناسبات العامة في ظاهرة دخيلة على المجتمع، حيث باتت الأسر تحضر لهذه الحفلات وكأنها تستعد لزواج أحد أفراد عائلتها؛ بدءاً من زي التخرج الموحد مروراً بالزفات و»الديجية»، وصولًا للولائم والبوفيهات المفتوحة لتنتهي تلك الليالي مكللة بالديون وليتحول شكر الله على نعمة الفوز بالنجاح والانتقال لمرحلة مقبلة إلى بذخ وإسراف وهم وعبء ثقيل على الأسر لاسيما ذوي الدخل المتوسط منها، إضافة إلى ما قد تسببه هذه الحفلات من قتل لفرحة نجاح أبناء بعض الأسر التي لا تستطيع مجاراة المجتمع الذي وضعهم في بين خيارين لا ثالث لهما إما توفير متطلبات الحفل المكلفة لأبنائهم، وإما حرمانهم من فرحة التخرج وعزلهم عن أقرانهم. «الشرق» التقت أمهات بعض الطالبات والطالبات والمختصين لرصد تلك الظاهرة ، في الأسطر التالية: فرحة النجاح تقول والدة الطالبة عفاف العسيري» تخرج 4 من أبنائي الكبار ولم أسمع في يوم من الأيام عن «حفلات للتخرج « بل على العكس تماماً كان كل ما يتم هو «مسيرة صباحية» في فناء المدرسة رغم أنهم كانوا متفوقين ، ولكنني تفاجأت حينما طلبت مني ابنتي مبلغ 2500 ريال لإقامة حفلة تخرج في إحدى قاعات الأفراح وحينما كانت ردة فعلي لها عنيفة أكدت لي أنها تُعد أقل بنات صفّها، حيث إن هناك بنات أخريات دفعن لتجهيز تلك الليلة ما يقارب 4000 ريال فأعطيتها مجبرة حتى لا أحرمها فرحة النجاح». إمكانات العائلة وأيَّدت أم روان فكرة إقامة حفلات التخرج مشترطة أن تكون دون تكاليف مبالغ فيها تثقل كاهل الأسر، وقالت إذا تعدى الاحتفال بالنجاح إمكانات العائلة فيجب على أولياء الأمور حسم الأمر دون علم الطلاب والطالبات مع توفير بدائل أخرى مبسطة للتعبير عن فرحة التخرج، ولا أرى ضرراً في المنع من إقامتهاعلى نفسيات الخريجين والخريجات ونحن والسابقين أكبر شاهد على ذلك ». مراعاة الشعور وتساءلت أم جود، أين ذهبت احتفالات المدارس والجامعات المصغرة؟ وكيف لطلاب أو طالبات دفع تكاليف مثل هذه الحفلات الكبيرة؟ وقالت» صدمت عندما أبلغت بأن حفلة تخرج ابنتي ستقام في قاعة أفراح، وإذا قلنا إنه لا إشكال لدى الأسر المقتدرة، فما حال تلك متوسطة الدخل، وكيف نرضى لأبنائنا إقامتها ونحن نعلم أن لهم أقراناً يريدون أن يشاركوهم ويفرحون أيضاً وحال فقرهم دون ذلك، لذلك يجب مراعاة شعورهم ووضع حد لتلك الظاهرة وحمد الله على مَنِّه وعطائه بأن تكلل تعب السنوات بالنجاح .» ظاهرة دخيلة وقالت مديرة المتوسطة الثالثة في أبها منى آل شايع «إن احتفالات النجاح تُعد ظاهرة جديدة ودخيلة علينا وأنا من المعارضين لها لما يترتب عليها من هدر مالي ومظاهر مخالفة للشرع في اللباس وفي الآلات الموسيقية والغناء وكسر لنفوس الفقيرات اللاتي لا يتمكن من الاحتفال بنجاحهن بهذه الطريقة المكلفة لظروفهن المادية». حفلات منزلية وأضافت آل شايع «أوجِّه بناتي الطالبات بمراعاة الله في عملهن سراً وجهراً وأن يبدأن طريقهن بطاعة لا بمعاص ومجون ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب. فعليهم الحرص على بذل هذا الهدر في مرضاة الله والصدقة، لاسيما أننا في زمن عصيب على المسلمين كثرت فيه الفتن والحروب و قتل الأبرياء وهم أولى بتلك المبالغ.وليتذكر الجميع أن النعم تدوم بالشكر، ولا أرى مانعاً من إقامة حفلات منزلية مبسطة تجتمع فيها الأسرة والصديقات…». حق مشروع د. محمد عاشور وأوضح المستشار الأسري والتربوي، الدكتور محمد حسن عاشور أن حفلات التخرج والنجاح هي من أشكال التعبير عن الفرح والسعادة بثمرة جهد مبذول لفترة من الزمن، و في الأصل هي حق مشروع للإنسان في حياته لاعتبارات معنويه ونفسية تترك أثراً كبيراً وإجابياً في النفس. وقال عاشور»إقامة الحفلات البسيطة ذات التكاليف المنخفضة أو المقبولة في ظل أجواء مفعمة بالحُب و الاحترام و المشاركة تلاقي لدى أصحابها ارتياحاً عالياً جداً، كما ولها أثر معنوي وتربوي تلمسه الأم في ابنائها بشكل كبير جدا إذا احسنت استثمار هذه الفرصة و هذا الموقف لإرسال رسائل إيجابية في العقل الباطن لأبنائها. عبء ثقيل وأضاف عاشور « المبالغة في شكل وهيئة هذه الحفلات ومصاريفها وتكاليفها أمر غير مرغوب فيه مطلقاً كي لا تخرج عن إطارها ومحتواها النفسي و المعنوي كأحد أشكال التعبير عن الفرح، و تتحول إلى عبء ثقيل وهم كبير يفسد الفرح ويفقد الإنسان لذة النجاح؛ فكلما تعقدت الأمور و زادت التكاليف التي قد تصل في بعض الحالات إلى درجة الدخول في ديون، هنا يكون الاحتفال مصدر نكد وقلق مستمر على أصحابها وبالتالي هذا النوع من الحفلات المكلل بالديون و المصاريف سيلقي بظلالة السلبية على الأجواء الأسرية ، مما قد يفقدها توازنها، بل وقد يغيب لديهم بعض الأولويات في الحياة ، فيمكن للأسرة بتكلفة إقامة حفلة من الحفلات أن تشرك اثنين من الأبناء في معهد لتعلم اللغة الإنجليزية أو ناد صيفي أو غيرها من الأمور ذات البعد و الأثر المستقبلي على شخصية الأبناء و تطورهم وتقدمهم نحو الأفضل . امتلاك معايير وأكد عاشور على ضرورة امتلاك معايير وموازين نحكم بها على أنفسنا و تصرفاتنا وسلوكياتنا لنجاح الأسرة واستقرارها و سعادتها وكذلك نجاح أفرادها، وبالتالي المجتمع ككل فالأسرة نواة المجتمع وقلبه النابض تؤثر وتتأثر والنجاح الذي تحققه قطعاً يشكل عدوى في المجتمع وينتشر سريعاً بين البيوت وكذلك الإخفاق و التخبط. وهنا أذكر لفتة جميلة جداً لعمر بن الخطاب حينما قال :»ليس العاقل من يعرف الخير من الشر، وإنما العاقل من يعرف خير الخيرين من شر الشرين» هذه لفته منه- رضي الله عنه- لنا لإعادة الحسابات في ترتيب أولوياتنا في الحياة. وبيَّن أن المبالغة في هذه المناسبات و إقامتها في قاعات للاحتفالات دون مبرر قد يكون نوعاً من الذهاب بالمجتمع لتحويله إلى مجموعات متتالية من المناسبات التي تشغل الناس، و بالتالي الابتعاد عن الارتقاء و التطوير و سد ثغرات المجتمع . عادة سلبية د. عبدالله المغلوث ومن جهته قال عضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث «إن ظاهرة حفلات التخرج كبَّدت أسر الخريجين مبالغ باهظة وأثقلت كاهلها وأثرت على مدخولها الشهري، ولاشك أن لها أثراً سلبياً فهي عادة سلبية انتشرت في مجتمعنا في وقت نحن بحاجة إلى تثقيف طلابنا بأهمية توفير المال واستخدامه في الضروريات وليس الكماليات، وهذه الظاهرة تفشت في مجتمعنا بشكل ملحوظ، وأصبح الطلاب يقلدون زملاءهم في المشاركة في الحفلات، بل وفي دفع المال ناهيك عن الملابس التي قد تكون غير لائقة والتصوير ونشر الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي . تثقيف الطلاب وأضاف المغلوث «جاء الآن دور خطباء المساجد للحث والنهي عن هذه الظاهرة، وكذلك دور الوالدين ورب الأسرة والبيت والمجتمع فلابد أن يكون لهم دور في الحد من هذه الظاهرة، وكذلك المدرسة لابد أن تقوم بدورها بتثقيف الطلاب من الأضرار والسلبيات الناتجة عن هذه المناسبات، والتفكير بحلول أخرى دون إرباك ميزانية الأسر.» نعمة التخرج د. حسن سفر واعتبر أستاذ السياسة الشرعية والأنظمة المقارنة، والمحكم القضائي في وزارة العدل، الدكتور حسن سفرإقامة حفلات التخرج والنجاح تبياناً لنعمة الله عز وجل على الخريجين والخريجات، بما مَنَّ الله عز وجل عليهم بنعمة التخرج والانخراط في الوظائف العامة للدولة وخدمة بلادهم وكذلك أيضاً خدمة القطاعات الخاصة غير أن النظر إلى هذه الحفلات يجب أن يكون خالياً من التكاليف فوق الطاقة، لأن التكليف فوق الطاقة دفع الله به الحرج وبين عز وجل أن رفع الحرج يكون في العبادات وفي العادات ولما كانت هذه من العادات التي انتشرت في المجتمع فلا بأس أن تقام للتخرج ولكن وفق ضوابط وتقنيات شرعية. ضوابط شرعية وقال سفر» من الضوابط الشرعية عدم اختلاط الرجال الخريجين بالخريجات وعدم حملها تكاليف باهظة، لأن هذا يؤدي إلى الإسراف، فحبذا لو كانت هذه الحفلات في أروقة الجامعات بتنسيق بين الخريجات وبين الجامعات ويكون في ذلك رفع لهذه التكلفة، وأضاف»من هذا المنظور فإنني أنصح الخريجين والخريجات بأن تمام النعمة أن تكون بالتصدق على الفقراء والمساكين وتقام حفلات بسيطة تؤدي الغرض بما فيه من التجمع على الخير والمباركة وإدخال السرور لبعضهم البعض، مشيراً إلى تفشي هذه العادة لدى خريجي الثانوية أيضاً ويمكن لهم إقامتها في المدارس بمشاركة المعلمين والمعلمات، وأشار إلى أن خريجي الثانوية في مرحلة المراهقة ومرحلة البداية للانتقال للمرحلة الجامعية وينبغي توعيتهم وإرشادهم من قبل مرشدي ومرشدات المدارس قبل التخرج وعلى مديري المدارس الاجتماع بهم والمباركة لهم وعليهم ألاَّ يبالغوا وأن يكونوا مستعدين لإقامة تلك الحفلات في بهو المدارس دون تكلف وإسراف، وأنصح بتكاتف أولياء الأمور أن يتفقوا فيما بينهم ويكونوا خطة لإدخال الفرح على أبنائهم كأن يستضيفوا الخريجين والخريجات في أماكن تكون تحت إشرافهم لمنع المبالغة والإسراف والتكاليف». غناء ورقص وعن إقامة الرقص والغناء في تلك الحفلات قال سفر»إذا كان الرقص المقصود به إدخال السرور دون المجون والتعري والاختلاط وما إلى ذلك من الأمور غير الأخلاقية فلا بأس بذلك ، وفق ضوابط الحشمة التي جاءت بها أحكام الشريعة الإسلامية ويفضل أن يكون الحفل مُطَعَّم بآيات من القرآن الكريم وبمواعظ وذكريات لبعضهن البعض أما الرقص والمجون ورفع الصوت بالأغاني فإن ذلك يؤدي لإيذاء الآخرين المجاورين القريبين من مكان المناسبة ، مقترحاً على الخريجين الاتفاق فيما بينهم للقيام بأداء العمرة وزيارة المدينةالمنورة لشكر الله عز وجل ..