نفذت قوى شبابية وعشائرية في مدينة معان جنوب الأردن عصياناً مدنياً، فيما انهالت مبادرات وطنية لإنهائه، إثر مقتل اثنين من أبناء المدينة على يد قوات الأمن والتمثيل بجثتيهما، كما نقل عبر موقع الفيسبوك شريط فيديو يوثق ذلك. وهاجم محتجون مركز أمن معان ومقارَّ حكومية بالأسلحة الرشاشة، فيما لم ترد معلومات عن وقوع إصابات. وبدأت معان عصيانها المدني صباح أمس، بعد ليلة شغب مسلحة استمرت حتى الفجر، وخلَّفت أضراراً بالممتلكات العامة وإصابات نتيجة المصادمات ما بين المحتجين وقوات الدرك. ويطالب المحتجون الحكومة بتحمل مسؤولياتها تجاه الملف الأمني في معان وحل جميع الإشكاليات الاجتماعية ما بين عشائر الحويطات وأبناء معان، كما يطالبون بتقديم أشخاص اعتدوا على جثماني القتيلين اللذين قضيا في عملية الراشدية الأسبوع الماضي إثر اشتباك مسلح مع قوات الدرك. وكان عشرات المسلحين هاجموا صباح أمس مركز أمن معان، فيما أطلق مسلحون النار في الهواء وسط المدينة، مجبرين التجار وأصحاب المحال على إغلاقها، وفقاً لمصادر أمنية. واستخدمت قوات الدرك الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين على تدهور الأوضاع الأمنية في المحافظة. الملفت للمراقبين أن العاهل الأردني دعا بحضور كبار رجالات الدولة أمس لإطلاق مبادرة التمكين الديمقراطي، فيما تغرق مدن الجنوب بالفوضى بسبب تهميشها وإهمالها من قبل الحكومات المتعاقبة، بالإضافة إلى الابتعاد عن استخدام لغة الحوار والديمقراطية واللجوء إلى لغة العنف والقوة. الحكومة الأردنية غائبة عن معالجة المشهد، حيث يذكِّر أردنيون عبر صفحات التواصل الاجتماعي بما حدث في سوريا بداية الثورة من تجاهل النظام لما حدث في مدينة درعا والتعامل معه باستخفاف، وإسقاط ذلك على ما يحدث في مدن جنوب الأردن. اللافت أن منظِّر السلفية الجهادية في الأردن المطلوب للقضاء محمد الشلبي الملقب ب «أبو سياف» كان أول من دعا للعصيان المدني بالإضافة إلى قيادات سلفية، غير أنه ما لبث أن أصدر أمس بياناً يدعو فيه أبناء المدينة للتراجع عن تنفيذ العصيان المدني. من جهتها، دعت جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي أبناء المدينة لتحكيم لغة العقل وعدم تنفيذ العصيان واللجوء للقضاء والاحتكام إلى القانون. وبذات الجهود الرامية لمنع تنفيذ العصيان المدني، توجهت جبهة الإصلاح الوطني وهي أكبر تكتل معارض من أبناء مدينة معان بالتوقف عن تنفيذ العصيان في وجه الدولة. الحكومة من جهتها أعلنت عبر الأجهزة الأمنية أنه تم تحديد هوية 7 أشخاص من الذين مثلوا بجثتي الشخصين اللذين قتلا على يد رجال الأمن الأسبوع الماضي. من جهتها، دعت الجبهة الوطنية للإصلاح لتشكيل لجنة وطنية شعبية للاطلاع على حقيقة ما يجري من أحداث في معان، مؤكدة بأن «الخاسر الوحيد من هذه المواجهات هو الوطن وهيبة الدولة التي تستخدمها الحكومة فقط لتنفيذ سياساتها وبرامجها المتصادمة مع الحالة الشعبية». وأدانت الجبهة في بيان صدر أمس ما وصفته ب «الغياب الكامل للدولة وللحكومة عما يجري من تطورات دموية ومأساوية في مدينة معان، وغياب الحكمة في المعالجة، واعتماد الحكومة لأسلوب الحل الأمني في معالجة ما يجري من أحداث». ودعت الجبهة إلى تشكيل لجنة وطنية شعبية من الأحزاب والنقابات والهيئات والفعاليات الوطنية والعشائرية للاطلاع على واقع ما يجري في مدينة معان، والعمل بالتعاون مع وجهاء وفعاليات المدينة والقيادات العشائرية على تخفيف ووقف حالة الاحتقان والمواجهات التي تجري حفاظاً على أرواح المواطنين والممتلكات العامة والخاصة.