في حين كنت جالسة على ذاك الكرسي المكتبي القادر على الدوران، وأخذت أجدف به مرةً ذات اليمين والأخرى ذاتَ الشمال، تعبثت بي تلك الموجات الصوتية بذهني حين استوردت لذاكرتي ذلك المقطع الُمهدى إلي من والدتي لأُشاهده، فلقد كان لشيخ فاضل يتساءل عن (ما هو) مشروعك أمام الله؟.. عندها تهت عما يدور حولي متعمقةً بمحيطات فكري «في رحلة بحث مع الذات» لإيجاد إجابة مُمَيزة لذلك السؤال الذي لامس روحي بشكل خاص. ولكنني ظللت تائهةً بفكري إلى أن استردني نداء الواقع لشاطئ وعيي، حيث عُدت لواقعي ونفضت آخر قطرات ذاك المحيط من رداء عقلي، فسرعان ما أحسست بأن مخيلتي ما زالت مبللة بتلك الكلمات التي كانت تترنم بداخلي مكونةً أمواجاً فضولية تدفعني إلى التقرب بذلك الكرسي من جهاز الحاسوب لأطرح ذاك السؤال على محرك البحث لعلي أستفيد مما سبقني به الغير من مشاريع دنيوية تقدم لله.. ولكن، مهلاً!! فمع انتهائي من كتابة أول كلمة في أبجديات السؤال ظهرت لي خيارات أخرى عديدة تشابه ما أبحث عنه، وتقودني للاطلاع على «مشاريع دنيوية» تناسى بعض منفذيها من أنهم ذات يوم سيناقشونها أمام الله. وأول ماظهر لي عند كتابة كلمة (ماهو) رابطٌ يحمل عنوان (ماهو إنت إللي تكلمني كذا KEEK) حيث شاهدت به وبمقاطع مشابهة له؛ من استخدمن مدة لا تتجاوز الستة والثلاثين ثانية لتسجيل ذنب جار لهن إلى يوم القيامة برقصات وحركات جُل معناها إظهار مفاتنهن والتحرر من عفتهن بل والتخلي عن ذواتهن بكبيرة من كبائر الذنوب توعد مُنذر الأمةِ صاحبتها بأنها لن تجد ريح الجنه بها (عفى الله عنها وعنا ورزقنا شفاعة الشافعين).. فيا من سميتن بعضكن ب»الكيكرز» لم تدمرن تربية سنين!! بل وسمعة مجتمع ودين في مدونة مرئية لا تتناسب مع كونكن تحت مسمى (مسلمات)؟ هل هي فترة المراهقة مع غير المبالاة؟ أم إنها بحث عن التنفيس بشهرة زائفة مع جمهور جُل ما وهبك إياه صنفان من البشر: فمنهم من يعطيك فيتامين الثقة لتزدادي إصرارا على الذنب فيستمر هو بأكل «الكيك» بكافة نكهاته وبرخص في برنامج الKEEK متخلياً بذلك عن مروءة المسلم الحق، ومنهم من يظهر استياءه منك بشكل مخز خال من النصح بإحسان وممتلئاً بالشتائم التي تقدح بالإيمان، وقلة أخرى تتابعك لمساعدتك، فيأخذون ما صنعتيه من ذنب فقط أثناء بحثهم عما يعيبون به خلقة الله فيك شكلاً وتوصيفاً. هُنا فقط أصبحت فكرة (تدوين الذكريات والأحداث) المزعومة للأغلب هي فقط مكان لتجمهر الطالحين أو اختراع يسهل به تواصل الجنسين في مجتمع محافظ تقي لن يتوافق معه، وليس للفتاة المسلمة على وجه الخصوص مكان فيه.. ولكن لم تكن تلك المقاطع الخاوية حد التفاهة حصريةً على الفتيات فلقد كان شبابُ الأمة يشابهونهن فيه، بل ولهم نصيب الأسد باستعمالهم لهذا البرنامج في فترةٍ وجيزة فقط..ليخبروا العالم بكوننا مجتمعا مُجوفا فارغا ليس له أهداف -جل اهتمامه اتباع أهوائه، مستغلاً تلك الثواني المعدودة في إظهار التضجر والاستخفاف الممزوج بغباء مصطنع «بالتدوين المرئي للعالم». ولكني آملة من أن يعي شبابُنا بأن التدوين المرئي لايعكس صورة للفرد فقط بل هو برواز لصورة تجمع ملامح دينه ووطنه وأسرته فلا تجعلونا أضحوكة العالم أجمع، أخيراً يا من تفقهون لن أختم مقالي بأن أنعت برنامج الKEEK بأنه «غزو فكري»، لثقتي الكاملة بأن عقلية المستخدم أصبحت واعيةً كفاية لتحدد الاستخدام الأنسب لها بل والأكثر احتراماً لمبادئها، كم أُشيد بالنماذج الرائعة التي استخدمت هذا البرنامج بشكل إيجابي وإن كانوا قلة.. وخاتمة هذا المقال سيكون (مشروعي ومشروعكم أمام الله) متمثلاً بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أميتوا الباطل بالسكوت عنه) فلا تشاهد.. ولا تعلق..ولا تنشر ما يساهم في تشويه دينك إن لم تستطع نصرته.