رياض عبدالله الزهراني نحن في حاجة ماسة إلى مراجعة بعض الآراء والأفكار والأطروحات والفتاوى وذلك ما تثبته لنا الأيام وحوادثها المتغيّرة، فضلاً عن مراجعة عدد كبير من النصوص والحوادث المنقولة لنا قبل مئات السنين، وتلك حقب تاريخية مهمة، مرت بظروف ومواقف تستدعي التوقف عندها ووضعها تحت مجهر البحث والتنقيب!. المراجعات تندرج تحت بند فقه الواقع، فالمتغيرات الطارئة والمستجدة تفرض الدعوة إلى المراجعة والجلوس على طاولة النقاش والتحليل، وتلك مهمة العلماء ومن صميم عمل مجمعات الفقه وكليات الشريعة وواجب أخلاقي على الباحثين وطلاب المعرفة، فدورة الحياة تتغير، وتمر بمراحل متعددة تكون في أمسّ الحاجة إلى فقهاء وباحثين يضعون نصب أعينهم احتياجات الواقع ومتغيرات العصر!. المراجعة الفكرية والثقافية مؤشر على وجود المعرفة، وخطوة مهمة لولادة أفكار أكثر مرونة لا تصطدم مع الواقع، والبعض يظن أن الدعوة إلى المراجعات الفكرية ما هي إلا خطوة أو مقدمة تسبق القفز على الثوابت، وتلك ظنون ليست في محلها لأن المراجعات تكون في القضايا الاجتهادية التي لا نص صريحا فيها كمسائل قيادة المرأة السيارة، وعمل المرأة، والأحكام البديلة للسجن.. إلى آخر ذلك من القضايا التي تهم المجتمعات وتكون في الآراء والأطروحات ذات الطابع المعرفي والمنتج العقلي للشخص ولا تكون في القضايا ذات النصوص والأدلة القطعية. تتقدم الأمم، وتستمد تقدمها من أصالتها وتاريخها الحضاري والفكري، الذي يتم مراجعته يوماً بعد يوم، فالأبحاث والدراسات تسلط الضوء على التاريخ بكل ما فيه والعلة في ذلك تفكيك رموزه وقراءة ما بين السطور بعقلية الباحث عن الأصح والأكثر صواباً ليواصل تقدمه، وليقضي على ما يعيق تقدمه بطريقة أكثر فعالية وهي طريقة التحليل والمراجعة والتنقيب. المراجعات الفكرية ومناقشة الأطروحات والتعرض للآراء بالنقد البنّاء والتحليل المنطقي المعتمد على المعرفة دون التشكيك في النوايا خطوة مضيئة على طريق التقدم المعرفي، خطوة ستنتج آراءً وأفكاراً أكثر واقعية لا تصطدم مع أحد ولا تُفضي إلى احتقان ولا تُحجر واسعاً لأن تلك المراجعات فيها خير للدين والدنيا معاً.