• أنا شاب أشعر أني لا أبر بوالدي ، وأحببت أن تشرح لي كيفية أكون باراً به؟ - هذا السؤال يدل على كمال عقلك وحرصك على الخير، ورضى الوالدين مفتاح النجاح والفلاح بعد رضى الله الكريم الفتاح، والبر يزيد العمر، ويبارك في الرزق، ويورث صاحبه صلاح الولد، فإن الجزاء من جنس العمل. وقد ضرب سلف الأمة الأبرار أروع الأمثلة في الإحسان إلى الوالدين، وما ذاك إلا لكمال فهمهم لهذه الشريعة التي تربط بين عبادة الله والإحسان إلى الوالدين، فقد وُجد فيهم من كان يحمل أمه على ظهره ليحج بها، وكان الإمام أبو حنيفة يذهب بأمه لتسأل أهل العلم وهو أعلم أهل زمانه وما كان يرفض طلبها رغبةً في رضاها، وكان فيهم من تؤنبه أمه وهو يدرس الناس فتقول له: تعال وأعط الدجاج عشاءه، فكان يترك طلابه ودرسه ليلبي رغبتها، وُوجد فيهم من كان لا يصعد على سطحٍ تحته والدته أو والده، وُوجد فيهم من ظل يُشعل شمعة حتى أصبح وهو في السجن مع أبيه؛ من أجل أن يُدفئ له ماء الوضوء في الليلة الشاتية، بل وُجد فيه من كان يتولى من والديه ما تولى منه في الصغر من التنظيف ونحوه دون ضجر أو ملل، واتصل برهم لآبائهم بعد ممات الوالدين، كما فعل ابن عمر مع الأعرابي الذي كان أبوه صديقاً لعمر، ثم قال رضي الله عنه (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه). ومما يُعينك على زيادة البر والإحسان، اللجوء إلى الله فإنه الموفق لكل خير، ومعرفة أن الإحسان إلى الوالدين طاعة لله تجلب فلاح الدنيا ونجاة الآخرة، والرغبة في الفوز برضا الوالدين ودعائهما؛ فإن دعوة الوالدين أقرب للإجابة، وتلمس رضاهما، وتجنب الموضوعات التي تضايقهما، والإحسان إلى من يحبونه وكثرة زيارتهم، والحرص الشديد على خدمتهم، وإظهار الشفقة عليهما، خاصةً عند مرضهما وضعفهما، قال تعالى» إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهمرهما وقل لهما قولاً كريماً». والاهتمام بهما، وتحسين وضعهما إذا أعطاك الله مالاً ورفعة والافتخار بهما، والاعتزاز بأبوتهما، وتجنب ما يفعله بعض السفهاء من التنكر لهما عند كبرهما.