لا أعرف الأسباب والمبررات التي دعت لأن يكون دوام رمضان من العاشرة صباحاً إلى الثالثة عصراً، ربما في تلك الفترة التي تم فيها اعتماد دوام رمضان مختلفاً عن بقية الأشهر كان منطقياً، أما الآن فلا أرى مبرراً مقنعاً لذلك، رمضان سيأتي هذا العام في ذروة درجات الحرارة التي ستقترب من الخمسين، والنهار سيكون طويلاً جداً، ومع ذلك يجد الموظف أنه مجبر على العمل في أوقات الذروة –من العاشرة حتى الثالثة- ولكم أن تتخيلوا وقوف الموظف الميداني ساعة فقط في هذه الأجواء وهو صائم! لا يمكن أن نتجاهل عادات المجتمع في رمضان، فنحن لا ننام في ليل رمضان سوى بعد الفجر، ومن ثم نصحو الساعة التاسعة مجبرين للدوام، فلا الساعات كافية للنوم، ولا أجواء بعد العاشرة صباحاً محفزة للإنتاجية، وأتمنى أن لا يأتي مُزايد ليذكّرنا بالحكمة الشهيرة (نم مبكراً.. تستيقظ مبكراً)، لأن معنى ذلك أن تطلب من الإنسان/ الموظف أن ينفصل عن مجتمعه لتنفيذ قرار غير مُقنع أصلاً، أقول غير مقنع لثقتي بأن نتيجة أي استفتاء حول هذا الموضوع ستكون ضد فكرة تأخير الدوام حتى العاشرة، ويمكن أيضاً الاستعانة برأي عديد من التجارب في القطاع الخاص التي جرّبت الطريقتين، فالمنطقي أن يبقى الدوام من الساعة السادسة حتى الحادية عشرة صباحاً، فأن يتهيأ الموظف للذهاب لعمله بعد صلاة الفجر والجو مازال معتدلاً أجدى من تأخيره إلى التاسعة ومن ثم مكابدة زحمة السير التي «تنشّف ريق المُفطر.. فما بالك بالصائم!»، فلا نحن الذين جعلناه يرتاح (ينام بما يكفيه) جسدياً ولا نفسياً، ونحن نستطيع أن نفعل ذلك عندما نجعله يبدأ عمله قبل أن تسنّ شمسنا سكاكينها الحادّة فنجعله يبدأ والجو مازال يتمسك ببقايا لطفه، وينتهي دوامه في الحادية عشرة ليجد متسعاً من الوقت بعد الظهر، وأن يكن أمر «التغيير» مخيفاً، ومدعاة لأن يفشل، فما الضير في ذلك، فنحن الآن (شبه) متفقين على أن الدوام بصيغته الحالية ليس مناسباً، ونتفق أن الإنتاجية في رمضان تكاد تنعدم، ومع هذا لم نبادر بالتغيير لاستعادة الإنتاجية، وتوقفنا عند جلد أنفسنا وكيف أننا لم نستطِع أن نعمل (عملاً متقناً) كما يحب الله، ونرثي لحالنا ونحن نتذكر المسلمين الأوائل الذين خاضوا الجهاد في رمضان!