يصاحب رمضان عدد من الظواهر والسوكيات التي لا تتناسب وروحانية الشهر، ابتداء من الحضور المتأخر إلى الدوام وتدني إنتاجية بعض الموظفين، إلى مختلف إشكال المشاجرات والمضاربات وتبادل ألفاظ الشتائم والسباب إلى التزاحم في الأسواق، وتصل الأمور على الطرق ووقوع الحوادث المرورية، ما يتطلب مزيدا من الوعي بروحانية الشهر. الأمثلة التالية تعكس جانبا من هذه السلوكيات السالبة يدعمها آراء لمختلف المشايخ وعلماء النفس والاجتماع ومسئولي مختلف الإدارات المعنية. إبراهيم الزهراني من المنطقة الجنوبية (معلم) قال في بعض الأحيان نسافر من منطقة الباحة إلى الرياض لمراجعة مصلحة معاشات التقاعد أو بعض الإدارات الحكومية، وعندما نصل لا يسعفنا الوقت وأحيانا لا نجد الموظف الذي لديه معاملتنا، وبالتالي نضطر للعودة ثانية في اليوم التالي وقد تكون ظروفنا لا تساعدنا في العودة أو البقاء في الرياض، وأرى أن دوام رمضان لا يكفي لإنجاز المعاملات، وأتمنى أن يشرع في دراسة الدوام المسائي بحيث تخصص ساعات إضافية في المساء، لكي نستطيع مراجعة الدوائر الحكومية، وبالذات القطاعات الخدمية، وخصوصا لكبار السن والنساء الذين تعيقهم ظروفهم فلا يستطيعون تتبع سير معاملاتهم نهارا في رمضان. فيما تضيف أم ليلى في أبها قائلة: أنا أرملة ولدي أطفال وواجبي يحتم علي أن أبقى بينهم لمتابعة شؤونهم ولا أستطيع الذهاب إلى أي مكان في نهار رمضان، وإذا حاولت أن أستعين بوالدي فهو الآخر رجل مسن وصحته لا تساعده في التردد على الإدارات الحكومية أو غيرها، لذا أتمنى من المسئولين أن يخصصوا بعض الساعات للعمل مساء حتى تستطيع من هي في مثل ظروفي مراجعة الإدارات لإنهاء احتياجاتها. علي الشهري إمام وداعية في خميس مشيط في أبها يقول: للأسف يرى الكثيرون أن شهر رمضان يجب أن تغلق فيه أبوب الدوائر الحكومية، ويعتزل الناس العمل ويتوجهون للعبادة ويخلدون للراحة وهذا ليس بصحيح فالإسلام هو دين العمل، والصيام ليس بعائق يقف في وجه العامل أو الموظف ليتوقف أو يتقاعس عن العمل، لا سيما وأن موظفي الدوائر الحكومية معظمهم يعملون داخل مكاتب مكيفة ولا يبذلون أي جهد ملموس. محمد القحطاني في عسير يشكو من سوء تعامل الموظفين في بعض القطاعات في رمضان بقوله: البعض يسيء التعامل مع المراجعين في رمضان، لا سيما في القطاعات الخدمية والتي تشهد إقبالا كبيرا من قبل المراجعين مثل مكتب العمل والجوازات والبلدية، والبعض يتعمد أن يصرف المراجع بأي حجة معلنا بذلك أنه خارج الخدمة، وبمناقشة المسئولين في ذلك يتعللون بكثرة المراجعين والصيام والتعب الملقى على عاتق الموظفين في ظل تقليص ساعات العمل، وهذا لا يخدم المصلحة العامة بأي حال. مجازفة كبيرة في مدينة أبها تحديدا تعتبر مجازفة كبيرة أن تقود مركبتك في فترة ما بعد صلاة العصر إلى أذان المغرب للكثافة المرورية التي تشهدها شوارع المدينة في هذا الوقت من أيام رمضان، والسرعة التي يسير بها بعض السائقين في هذا الوقت، لإنهاء أعمالهم قبيل المغرب، وخصوصا من يذهبون لشراء بعض الوجبات من السوق الرمضانية. المهندس محمد العسيري يتحدث عن هذا التوقيت بقوله: البعض لا يعتبر تجاوزاته بالسيارة أثناء القيادة من الأخطاء التي تحسب عليه، وتجرح صومه لأن العديد من الحوادث تقع بسبب هذه التجاوزات والاستهتار غير المبرر من قبل بعض قائدي السيارات في هذا التوقيت تحديدا وقل ألا تشاهد حوادث مرورية واشتباكات بالألسن والأيدي في بعض الأحيان، والجميع يتحجج بأنه متعب جراء صيامه. ويضيف القحطاني قائلا: كم من صائم ليس له من صيامه غير الجوع والعطش يفسد صومه بكلام غير مقبول أثناء القيادة وبالسب والشتم والتشاجر مع سالكي الطريق، وأن الكثافة المرورية التي تشهدها شوارعنا خلال هذه الفترة وتحديدا ما بين العصر والمغرب والتي تتحول معها إلى ساحات للعراك والحوادث والسب والشتم، وهذا على أي حال ليس من الدين في شيء. ساعات الذروة واعتبر خالد القحطاني من أبها الساعة الأخيرة قبل الإفطار في رمضان من أخطر اللحظات التي تمر على الصائم، وخصوصا عند قيادته لسيارته حيث يتسارع معظم الصائمين، وتحديدا من فئة الشباب وبشكل غير طبيعي لشراء ما تبقى من مستلزمات الإفطار ويتجمعون في الأسواق ويسببون ازدحاما بشريا مع حدوث ملاسنات تؤثر على صيامهم، نتيجة التوتر والقلق الذي سببه الصوم عند غالبيتهم، وخصوصا من يعاني من أمراض أو المدخنين، ومن ثم العودة السريعة دون التقيد بأنظمة المرور إلى منازلهم. ويضيف كل من بندر قمشع وطلال سعيد ومحمد مسفر أن الحوادث المرورية غالبا ما تأتي في الساعة الأخيرة التي تسبق أذان المغرب، وليس معنى ذلك أن الحوادث لا تقع إلا في هذه الفترة، ولكنها تزداد بشكل كبير في هذا الوقت، وقالوا توجد عوامل تؤثر على الصائم وتسبب له التوتر في هذه الفترة ومنها أن فترة الصيام قد تصل إلى ال 12ساعة، حيث يصاب فيها الصائم بتوتر وقلق كبير نتيجة انخفاض معدل السكر في الدم والمدخنين وهم أكثر الناس تعرضا لهذا التوتر، حيث أن بعضهم يصاب أيضا باحتقان وتقلص في العضلات، وغثيان وهي من أعراض انسحاب النيكوتين من الدم، وأضافوا: أن من الخطأ خروج قائد المركبة في هذه الفترة من منزله إذا كان متوترا أو قلقا، إلا لأمر ضروري. ويؤكد عبد الله نملان حرصه الشديد على عدم الخروج من المنزل بعد صلاة العصر للمحافظة على صيامه من أي خدش نظرا للفوضى الكبيرة التي تصيب الناس في هذه الفترة علاوة على حدوث مشادات كلامية وأحيانا مشاجرات بالأيدي. تشديد الرقابة نايف السويدي يرى أنه على الجهات المسئولة تشديد الرقابة في شهر رمضان، على الدوائر التي تشهد كثافة مراجعين على أن تكون هناك عقوبات صارمة على كل موظف أو مسئول يتأخر أو يغيب عن عمله أو يتكاسل في أدائه، والترصد لهم وستشهد العملية القبض على الكثير منهم متلبسين بالجرم المشهود ستجد النائم في مكتبه وسترى المتأخر والغائب أيضا، فما مبرر كل موظف يعطل مصالح المواطنين. طلال الرشيدي أحد الموظفين موظف حكومي يقول إن جو رمضان مغر بالسهر الأمر الذي يشجع الموظف على عدم أداء واجبه بالشكل المطلوب، وعن نفسه يقول أسهر خلال شهر رمضان حتى صلاة الفجر، بعدها أنام ما يقارب الساعتين واستيقظ بعدها مضطرا للذهاب إلى العمل منهكا ويعترف بعدم قيامه بواجباته كما ينبغي، وأحيانا يصل به التعب إلى اختلاق الأعذار لأخذ إذن أو بدون إذن إن اضطر الأمر كي يكمل نومه ويريح أعصابه التي أتعبها السهر. ويقول خالد الرويضي إن بعض الدوائر الحكومية تعاني شللا مؤقتا لمدة الدوام الرسمي لهذا الشهر، حيث تجد الخمول مخيما على الموظفين ويظهر ذلك في الوجوه، فكيف لا يكون جليا في التعامل، وعندما تشاهد موظفا يبتسم ينتابك شيء من الذهول بين مصدق ومكذب، لأن هذه الابتسامة نادرا ما تشاهدها على أفواه بعض موظفي الدوائر الحكومية خلال الشهر مع أنه يدعو إليها، فمن المسئول عن ذلك وما العلاج. ويقول عبد الله محمد الأسمري عملت في وزارة الشئون البلدية والقروية لأكثر من 40 عاما متنقلا بين أبها والطائف وجازان وأخيرا تنومة، ولاحظت خلال تلك السنين الطويلة أن العمل في رمضان يكون أفضل من بقية الشهور، السبب في ذلك أن الموظف ينام مبكرا ويذهب لعمله أيضا مبكرا بجد وحيوية، ويستقبل مراجعيه بأريحية عالية، ولاحظت ذلك خلال عملي وترؤسي لبعض الأقسام في البلديات التي عملت فيها أن بعض زملائي في تلك الحقبة من الزمن كانوا يبقون في أعمالهم حتى وقت متأخر، يعود بعدها الموظف لأهله ويتناول معهم وجبه الإفطار مرتاح البال والضمير، وتبقى الإشكالية في يومنا هذا في عدم تنظيم الوقت للموظف أو الطالب أو حتى العامل، فالسهر هو المشكلة في المقام الأول، وعدم تحمل المسئولية من البعض الآخر جعل العديد من الموظفين لا يباشرون أعمالهم اليومية إلا متأخرين، أو قد يغيب الموظف بأسباب أتخذها ذريعة، قد لا تكون الوحيدة وإنما تتكرر طوال فترة الصيام بين الاجتهاد والعمل. مدير مركز الدعوة والإرشاد ومدير مكتب توعية الجاليات في منطقة الحدود الشمالية الشيخ عواد بن سبتي العنزي قال: إن على الجميع أن يدرك حقيقة الصيام المبنية على الاجتهاد والعمل وكثرة الطاعات والتسلح بالصبر وكظم غيظ النفوس وعدم إتباع أهواء النفس في المشاحنات أو المضاربات، فشهر رمضان هو شهر لتهذيب النفوس وتعويدها على اتباع الإحسان في التعامل والتكاتف والتعاضد، وأي فعل يخالف ذلك هو مخالفة للسنة النبوية. ورفض الشيخ العنزي تحجج البعض بعدم العمل في رمضان بقصد التفرغ للعبادة، وقال إن هذا المفهوم هو مفهوم خاطئ، فالعمل في الأساس هو عبادة وأفضل الأعمال في رمضان وعلى الإنسان أن يعمل بقدر استطاعته وبقدر العمل المكلف به. مفهوم خاطئ وأشار أستاذ أصول الدين في الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة الدكتور عبد الرحيم المغذوي أن رمضان امتحان لقدراتنا على الصبر بكافة أشكاله والتحلي بحسن الخلق في التعامل مع الآخرين والصبر على الأذى، وأضاف بأن ما يدعيه البعض من أن فقد السيطرة على النفس سببه الصيام، فإن هذا المفهوم خاطئ فالصوم يجب أن يكون مدعاة لتهدئة النفس وضبطها. ويقول الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الزهراني من المنطقة الشرقية الصوم نعمة من الله عز وجل، فقال الرسول الكريم عن ربه (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فأنا أجزي به) فمن هذا الحديث نستشعر عظمة هذه الشعيرة ولما فيها من الخير العظيم عن الأكل والشرب فقط، بل تصوم جوراحه هي أيضا فالإنسان يصوم عن التعرض للآخرين وذكر الله، بالإضافة إلى القول الحسن والنصح والإرشاد وكذلك الجوارح فهو مؤتمن على ما عنده من أعمال إذا كان موظفا، وخصوصا في الإدارات الخدمية مثل البلديات، الأحوال المدنية، الجوازات، والقطاعات الخدمية، يجب أن يكون الموظف فيها حسن التعامل مع الآخرين، ويجب أن يعمل بالحديث الشريف (من عمل منكم عمل فليتقنه) فإنجاز المعاملات دون تأخير والتعامل الحسن مع الآخرين يؤجر عليها المسلم في الأيام العادية، فما بالك في شهر رمضان، فالأجور فيه مضاعفه بإذن الله. وشدد الشيخ الزهراني الصوم ليس ذريعة للإهمال في العمل ومصالح الناس، فالموظف مجبر على تنفيذ الأعمال المناطة به، لاسيما في رمضان، فعلى الموظف أن يضع نفسه في مكان الموظف، فلو كان لهذا الموظف معاملة في قطاع خدمي آخر غير الإدارة التي يعمل بها ولقي أسلوبا جافا من العاملين في ذلك القطاع، حتما ستضيق نفسه ويبدأ في كيل الشتائم لهم ووصفهم بأنهم أناس معقدون وما إلى ذلك من العبارات، فنصيحتي إلى كل موظف أن يخاف الله فيما اؤتمن عليه من مصالح الآخرين. مدير إدارة نشاط الطلاب ورئيس مجلس إدارة نادي عرعرالرياضي في تعليم الحدود الشمالية تركي بن رضيمان العنزي أوضح أن شهر رمضان للأسف أصبح عند البعض مرتبطا بالسهر في الليل إلى الفجر وعندما يستيقظ للعمل يكون غير قادر على النهوض وغير قادر على الوصول إلى مكتبه، وإن وصل دخل مكتبه في تكاسل وعدم قدرة على الأداء رغم أن البعض يكون في انتظاره لإنهاء معاملته، وليت هؤلاء يتخذون من هذا الشهر مثالا للعمل وللعبادة، للأسف أثر علينا كثيرا ما تبثه القنوات الفضائية التي ألهتنا عن عبادتنا حتى وعن حرصنا في القيام بالواجبات الاجتماعية التي يفترض أن تكثر في هذا الشهر. مضاربات قبل الإفطار المرشد الطلابي في الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقة الحدود الشمالية نايف رحيل العنزي يضيف قائلا إن أكثر ما يسيء في هذا الشهر هو رؤية المشاحنات والمضاربات التي تقع بين البعض لأتفه الأسباب وتحديدا عند موعد الإفطار الذي نرى السيارات تسير فيه بسرعة، وإن تسبب في حادث لنفسه أو للآخرين ومستشفياتنا خير دليل على الحوادث التي تقع في هذه الأوقات. تعويد النفس المشرف التربوي في الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقة الحدود الشمالية طلال بن فرحان العنزي أشار إلى أن تغيير وقت الدوام في رمضان يؤثر على الساعة البيولوجية للفرد والتي تنعكس على نفسيته، فتسبب له اضطرابا في حياته اليومية وهذا الاضطراب يؤثر سلبا على عملية التوافق والتفاعل اليومي، وهذه هي أسباب تأخر الموظفين عن دوامهم اليومي وظهور العصبية والنرفزة على نفسيات السائقين والعصبية التي تظهر عند البعض حتى داخل أسرهم، وفي جميع الأحوال تتسبب هذه العوامل في جعل الفرد يتصرف بتصرفات خاطئة، قد تكون لها مضارها على نفسه وعلى الآخرين وقد يتأثر بها المحيطون حوله، لذلك من الأفضل والأحوط للإنسان أهمية تعويد النفس على متغيرات الحياة. وطالب المشرف التربوي في الإدارة العامة للتربية والتعليم في المنطقة الشرقية إبراهيم خلف المفضلي بالدوام المسائي مشددا على تقسيم موظفي الإدارات مناصفة حيث يعمل النصف الأول من العاشرة صباحا إلى الثالثة، والنصف الآخر من التاسعة والنصف إلى الواحدة بعد منتصف الليل، مشيرا إلى أن الدوام المسائي سيخدم شرائح كبيرة من فئات المجتمع مثل ذوي الاحتياجات الخاصة والأرامل وكبار السن وبهذه الطريقة نقضي على مشاكل تأخير الموظفين وكذلك تكدس المعاملات في المكاتب وتعطيل المراجعين كل هذه الإشكاليات سوف يقضي عليها الدوام بفترتين للقطاعات الخدمية. رئيس مركز تنومة محمد بن فلاح القرقاح قال: العمل والعبادة لا يفترقان في الدين الإسلامي ولا يتعارضان، بل كلاهما يستدعي الآخر ويتطلبه، لأن العمل عبادة، وهو مقرون بالإيمان، فلا تكاد تجد آية فيها عمل إلا مصحوبة بالإيمان، أو إيمانا إلا مصحوبا بالعمل، فتارة يقرن الإيمان بكلمة العمل، ومن المعروف أن الحكومة قلصت ساعات العمل اليومية خلال شهر رمضان رحمة بذلك الموظف، ولكن جهد الموظف يجب أن يبقى كما هو، الصيام يعطي الإنسان قدرة أكبر للتحمل والصبر والموظف الذي يعمل في مكتب لا يتأثر عمله كثيرا، أما إذا كان الشخص يعمل في مكان يحتاج إلى مجهود بدني وعضلي، فمن الطبيعي أن يشعر بالتعب وهو صائم، الموظف أو العامل عليه القيام بعمله على أكمل وجه في رمضان أو غيره. أكد مدير مستشفى الثغر في جدة الدكتور محمد باجبير استعدادهم في كافة أقسام المستشفى وبالذات قسم الطوارئ لاستقبال الحالات المرضية في رمضان وقال: ننفذ حاليا خطة ركزنا فيها على دعم قسم الطوارئ في المستشفى من السادسة مساء حتى الثانية من صباح اليوم التالي لاستقبال الحوادث والحالات المرضية التي يؤثر عليها الصيام، وحتى الآن كل المؤشرات تشير إلى أن الوضع جيد ولا يختلف عن الأعوام الماضية، إن لم يكن أفضل وذلك يعود إلى التوعية سواء عند قيادة السيارة وتحديدا في الأوقات التي تشهد الازدحام قبل المغرب وبعد التراويح وعدم الإفراط في الأكل. مضيفا أن لديهم خطة طوارئ خاصة يتم تنفيذها في هذا الشهر، خصوصا أن المستشفى يقع على الطريق المؤدي إلى مكةالمكرمة الذي يشهد هذه الأيام ازدحاما للمعتمرين. الحوادث تختفي نهارا فيما أشار نائب رئيس قسم العظام في مستشفى الملك فهد في جدة الدكتور عادل الراضي إلى أن أغلب الحوادث التي تحدث هذه الأيام والتي يستقبلها قسم الطوارئ في المستشفى، ويجرى لها التدخل العلاجي المطلوب تحول إلى الأقسام المختلفة ومنها قسم العظام، معظم الحوادث سواء كانت مضاربة أو حوادث مرورية تحدث قبل صلاة المغرب وتزيد في المساء وتختفي في النهار، وشهد أول يوم من رمضان حادثا شنيعا حاول 24 طبيبا التدخل لكن المصاب توفى بسبب خطورة حالته. موضحا أن حالات حوادث المرور التي تقع هذه الأيام تعتبر من الحالات القوية التي تختلف عن الحوادث التي وقعت في الأشهر الماضية، وهذا يعود إلى قيادة السيارة بسرعة زائدة وعدم الحرص في التقيد في أنظمة المرور فسره البعض بلهفتهم في الوصول إلى منازلهم عند موعد الإفطار والهرب من الازدحام الذي تشهده الشوارع والطرقات في الفترة المسائية للتسوق أو للزيارات الاجتماعية، فيما تشهد ساعات ما قبل أداء صلاة الفجر حالات كسور لكبار السن أثناء قيامهم للوضوء وهذه الفترة يقوم كبار السن بأنفسهم للوضوء، فيما يجدون في الأوقات الأخرى من يساعدهم ويقف معهم أثناء قيامهم للوضوء، أما حالات المضاربات فهي أكثر وقوعا قبل صلاة المغرب وتحدث بين السائقين وبين المتسوقين. الدكتور راضي أشار إلى أن حالات الحوادث من المتوقع أن تزيد بعد النصف الأول من شهر رمضان وهذا دعاهم إلى الاستعداد لهذه الفترة سواء في قسم الطوارئ أو في داخل قسم العظام في المستشفى. من جهة أخرى قال مدير شئون الموظفين في مركز صحي قوى الأمن في حائل أحمد الفوزان بصراحة يجب أن يبدأ التصحيح من المدير، حيث يجب على كل مدير إدارة ومسئول أن لا يساهم في تشجيع موظفيه على الكسل والتهرب وتعطيل مصالح المواطنين بحجة الصيام، ويؤكد على أن هناك شعوبا كثيرة تصوم وتؤدي عملها على أكمل وجه وهذا الشهر هو شهر خير وعمل وعلى مديري الدوائر الحكومية ترسيخ هذا المفهوم أو إجبار الموظفين على الانصياع له حال الاضطرار، وبذلك يحل جزءا كبيرا من المشكلة وكذلك كي نثبت للجميع أن صيام الإسلام ليس صيام كسل ونوم فقط، بل العمل المتقن الجاد واحترام شعور الآخرين هو الصيام الحقيقي الذي جاء به رسولنا الكريم. الجانب النفسي الأخصائي النفسي في جامعة طيبة في المدينةالمنورة عارف الحربي وصف تلك الممارسات التي تبرز في شهر الصيام عن غيره، بأنها تتعلق بثقافة الفرد نفسه وليس لها علاقة بنقص الغذاء أو الجوع، مبينا أن الصيام إضافة إلى إراحته للجهاز الهضمي، فإنه يعمل على إراحة كافة أجهزة الجسم، وخصوصا الجهاز العصبي الذي يمكن الإنسان من التحكم بأفعاله وتصرفاته، وبالتالي فإن شهر رمضان ينبغي أن يعلمنا الصبر والحلم. تغير السلوك الأخصائي الاجتماعي في مركز التأهيل النفسي في القصيم غانم اليوسف قال: إن هناك تغيرا إجباريا للسلوك في رمضان تكون أسبابه عدة عوامل تؤثر على يوميات الصائم، فمثلا فقد الأكل يؤثر كثيرا في الحركة العقلية والجسمية للإنسان وكون الصيام حالة إجبارية يشعر معها الصائم بأنه يفقد شيئا يؤثر على تعامله كذلك مع المعتاد على القهوة والشاي والمدخنين، ولكن تتراجع حدة التعامل مع مرور الأيام الأولى من رمضان حيث يبدأ الجسم بتقبل الوضع، ويرسل إشارة رضى إلى العقل مما يعدل من السلوكيات ويخفف حدة الطباع وطالب اليوسف أن يحاول المكلف بالصيام أن يعود نفسه على الوضع قبل رمضان. التركيز على الأمن الناطق الرسمي بالنيابة في شرطة جدة المقدم سليمان المطوع أشار إلى أن حوادث المضاربات في الثلاثة الأيام الماضية مقارنة بنفس المدة في العام السابق في انخفاض، فقد سجلت مراكز الشرط في محافظة جدة 23 حالة مضاربة في الثلاثة الأيام الماضية من هذا الشهر، فيما سجلت نفس المدة في رمضان السابق 28 حالة مضاربة، ويعود ذلك إلى الوعي الذي بات يسود كثيرا من الناس والإحساس بأهمية ضبط النفس، مشيرا إلى تنفيذهم لخطة أمنية خاصة بالشهر تتركز على الأمن الوقائي من خلال انتشار أفراد وآليات الشرطة في مختلف مناطق المحافظة والتركيز على الأسواق والشوارع العامة، موضحا أن محافظة جدة ولخصوصية موقعها الجغرافي تتنوع فيها الخطط الأمنية وتكثف في هذا الشهر في أوقات الذروة من الخامسة عصرا حتى الثانية صباحا. سلوك السائقين الناطق الأمني في شرطة المدينةالمنورة بالنيابة المقدم فهد الغنام من جانبه أشار إلى أن تغير الساعة البيولوجية لدى الكثير من الناس والنوم في النهار والسهر ليلا يؤثر على سلوك السائقين أثناء القيادة وبالتالي تقع العديد من حوادث التصادم وحالات التشاجر والعراك، خصوصا بين الباعة والمتسوقين نتيجة التوتر الذي يصاحب هذه فترة، ومعظمها لا تسجل لدى أقسام الشرطة حيث يتم حلها من قبل أفراد الشرطة الميدانيين أو المواطنين قبل وصول دورية الشرطة، مبينا أن اهتمام السائقين في هذا التوقيت ينصب على الاستعجال في العودة للمنزل قبل فترة من موعد الإفطار، وأضاف هناك عامل آخر يتعلق بثقافة تنظيم الوقت حيث أن شريحة كبيرة من المواطنين يتمتعون بإجازة نهاية العام حاليا وينبغي شراء المستلزمات المنزلية في وقت خارج أوقات الذروة بعد الظهر مثلا ولمن اعتادوا الإفطار في الحرم النبوي ينبغي عليهم التوجه مبكرا للحرم، وعدم التزاحم في الدقائق الأخيرة من نهار رمضان حيث نرى الجميع يتسابق للوصول أولا لإشارة المرور والتجاوز الخاطئ، ما يتسبب في وقوع حوادث سير مروعة بسبب الانطلاق في ساعة واحدة. وفي الوقت الذي يطبق مرور المدينةالمنورة هذا العام خطة للتقليل من الحوادث في رمضان في أوقات الذروة تتضمن نشر 2000 رجل أمن لتنظيم حركة مرور السيارات يستذكر المواطنون في المدينةالمنورة العديد من الحوادث وقعت في نهار وليالي رمضان من بينها اقتحام سيارة مسرعة أحد المحلات التجارية العام الماضي، ما تسبب في تلف واجهة المحل فيما أنقذت العناية الإلهية تجمعا لأشخاص قبالة محل مجاور، وحادث آخر نتج عنه وفاة ثلاثة شبان كانوا يستقلون سيارة تسير بسرعة فائقة على الطريق الدائري الثاني، وتزداد في شهر رمضان حالات قطع الإشارات والصعود بالمركبات فوق الأرصفة وعكس الاتجاه. مدير مرور المدينةالمنورة العميد سراج عبد الرحمن كمال قال إن الازدحام المروري في شهر رمضان يعود إلى خروج الموظفين العاملين في العديد من القطاعات في توقيت واحد حيث تشهد فترة ما بعد العصر حتى اللحظات الأخيرة التي تسبق موعد الإفطار ذروة الحركة المرورية في الشوارع والطرقات، مشيرا إلى أن مرور المدينة ينفذ كل عام خطة لتنظيم حركة المرور تركز على انسيابية الحركة تحديدا في المنطقة المركزية ونقاط الدخول والخروج عند الأسواق والتجمعات التجارية، مؤكدا وقوع عدد من الحوادث خلال الأيام الماضية من الشهر معظمها في ساعات الذروة دون تسجيل وفيات ولله الحمد، داعيا السائقين للالتزام بتعليمات المرور والتقيد بالأنظمة التي وضعت من أجل حمايتهم. رئيس قسم الحوادث في مرور القصيم المقدم خالد الضبيب أكد أن الحوادث في رمضان هي حوادث متقاربة الأرقام، فقد سجلت الحوادث التي وقعت في منطقة القصيم في شهر رمضان مقارنة بحوادث للعامين السابقين، نسبة متقاربة حيث بلغت حوادث شهر رمضان في المنطقة للعام 1428ه 1638 حادثا، بينما لم يكن الفرق كبيرا في عام 1429ه، حيث وقع 1625 حادثا مروريا، وقال إن تقارب العدد في هذين العامين يدل على أن السلوكيات الرمضانية سببا في الحوادث موضحا أنه توفى في عام 1428ه (51) شخصا، فيما توفى في عام 1429ه 42 شخصا. وذكر أن الحوادث التي وقعت في هذين العامين وتحديدا في شهر رمضان تسببت في إصابة 434 شخصا. وعن الحوادث قال الضبيب إن شهر رمضان في عام 1428ه شهد أكثر الحوادث، جاء بعده شهر رجب، فيما كانت الأكثرية لحوادث عام 1429ه في شهر جمادى الثانية، وجاء رمضان ثالثا. المقدم الضبيب حذر من أوقات الذروة وتحيدا قبل الإفطار مشيرا إلى أن هذه الساعة تشكل خطرا حيث تكثر فيها الحوادث وعلى الصائم أن يكون حذرا في قيادة سيارته في هذا الوقت. مدير الحوادث في مرور المنطقة الشرقية العقيد عبد العزيز الغامدي قال تزداد في فترات ما قبل الإفطار، وخصوصا الربع الساعة الأخيرة قبيل أذان المغرب فتجد مخالفات قطع الإشارة أعلى نسبة في المخالفات وذلك للحاق بالإفطار وقد يتسبب في حوادث مرورية شنيعة وحدثت في العام الماضي حوادث راح ضحيتها أما عمال يعبرون الشارع أو آخرين كانوا يقودون سياراتهم بسرعات قليلة، فهؤلاء المتهورون ليس لديهم أعذار سوى اللحاق بوجبة الإفطار مع الأسرة، فلا هو لحق الإفطار ولا كفى الناس شره، لذلك أنصح الجميع بالقيادة الآمنة حتى وإن تأخر الوقت. مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة القطيف العميد سعيد بن أحمد المالحي يقول من العراقيل التي تعيق تأدية رجال الدفاع المدني لواجباتهم هي البلاغات الكاذبة والتي تعتبر عائقا حقيقيا، لكن ولله الحمد هذه البلاغات انخفضت كثيرا في شهر رمضان، ونحن نستخدم جميع التقنيات الحديثة في استقبال المكالمات والعائق الآخر هو التجمهر في مواقع الحوادث، وكذلك مرافقة سيارات الدفاع المدني إلى موقع الحريق في حال تلقي بلاغ، والوضع العام في انخفاض مستمر، ونحن ننسق مع الإخوة في المرور وهم يتكفلون بمثل هذه المخالفات.