كرة القدم مفتاح لفهم عالم اليوم ولاعبيه الجدد. حل نجومها محل المثقفين والعلماء والمخترعين. وصارت دولة عالمية لغتها يفهمها الجميع لها قادتها وحكامها وقوانينها ومعاييرها. اختلطت فيها الرياضة بالسياسة والاقتصاد والدين والوطنية والهوية. كم سوقت من دول وأغنت من فقير وأشهرت من مجهول وجنست من أجنبي، وحسنت من اقتصاد وروجت من كساد، وأوقفت من ثورة (تشيلي) وحرب أهلية (أنجولا). وفي المقابل كم يتمت من طفل وفرقت من أزواج وإخوان، وأوقدت من حروب (الهندوراس والسلفادور) وكادت تشعل أخرى (الجزائر ومصر). فيها تدق طبول الحرب وتسمع أصوات الأبواق. ويكثر بعدها الضحايا والاحتفالات والتداعيات والنقاشات والصراعات والآهات. ساحرة في تأجيج العواطف وتقوية الانتماء وتعظيم الأقدام وتغييب العقول. وبها صار التوتر صناعة ممزوج بفرحة عابرة. وهي حرب حقيقية بخططها واستراتيجياتها ودفاعها وهجومها ورصدها وحشدها وترقبها وانتظارها. فيها يكثر تمرد اللاعبين وغضب المدربين وأخطاء الحكام ومبالغة المعلقين وجنون المشجعين. تنظيماتها أقوى من الأحزاب (الألتراس)، ومنافساتها على الهواء أفضل وقت للبيع والإعلان مع جيش من المعلقين لصب الزيت على النار وإثارة مشاعر المشاهدين. في الآونة الأخيرة اختلط الدين ببعض طقوسها، فكثر الساجدون بعد الأهداف، وتحزب لها المشايخ والدعاة وكثرت الفتاوى المتعلقة بها. وصارت حديث المجالس والمكاتب والمدارس (لم يوافق طالب بالمرحلة الابتدائية على قراءة سورة من القرآن الكريم لأن اسم السورة نفس اسم خصم ناديه الرياضي). والسؤال: أليس معظم ما يجري في كرة القدم ليس منها ولا علاقة له بالرياضة؟