جدة – تهاني البقمي عشقي: 1400 إصابة بحمى الضنك وأربع وفيات بمستشفى الجامعة. الحلول مستمرة ومشروع تخفيض المياه في الإنجاز. «الجوازات»: نستقبل البلاغات وتسير الدوريات للمناطق التي يكثر بها المخالفون. بعد معاناة أحد أحياء مكة بانتشار حمى الضنك بين أهاليها، التي قامت «الشرق» بنشره بتاريخ 2013/5/1 تحت عنوان «أرض مجهولة تقلق أهالي مكة وحمّى الضنك تعود» جاء دور «حي الأجاويد» بجدة، فالإهمال الواضح وعدم إيجاد حل للمياه الجوفية بحسب ما نقل بعض السكان ل «الشرق» أدى لانتشار حالات كثيرة لحمى الضنك، معتبرين ذلك جرس إنذار لكل المسؤولين للبدء بخطوة عاجلة لإيجاد حلول جذرية لمشكلات الحي، التي بدأ المستأجرون يقومون بحالات هجرة جماعية منه بحثاً عن الأفضل في أحياء أخرى. ويعد حي الأجاويد من أحدث الأحياء السكنية في مدينة جدة، الذي أصبح يئن من وطأة التلوث البيئي والأمراض التي يغرق الحي بها بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية والمسبب للطفوحات المستمرة. وقامت «الشرق» في جولتها بالوقوف على ما يعانيه السكان من تدمير طرق وانتشار لعدد من الأمراض. تحرك عاجل ويلخص خالد السلمي معاناة سكان الحي في تكسر الإسفلت الذي ينتج عنه تعطل السيارات التي لابد من إيداعها ورش السيارات بين فترة وأخرى، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في ظل الشكاوى المتكررة المقدمة للمسؤولين وغيابهم وعدم تحركهم لإنقاذ الحي، مؤكداً من جهة أخرى أن الأمراض بدأت تنتشر بالحي جراء الإهمال وعدم العناية، وقال: «هذا الوضع غير قابل للانتظار أكثر، ولابد من التدخل الفوري لعلاجه لأنه بدأ ينقل الأمراض والأوبئة». خسائر مادية سعيد المغيدي وقال سعيد المغيدي: تضررنا كثيراً بعد خروج المستأجرين من منازلهم للصعوبات التي لاقوها في الحي واستمرار المعاناة بالرغم من التدخل الرسمي لبعض القطاعات، ولكن لم نر شيئاً طيلة العامين الماضيين، وتقتصر الجهود على المبادرات الشخصية من الأهالي بجلب صهاريج لشفط المياه من البحيرات التي تكونت بفعل التسرب. مؤكداً أن خروج المستأجرين سبب خسائر فادحة لمالكي المنازل. حمى الضنك خالد القرني وأكد خالد القرني أن المعاناة مع المياه الجوفية ليست جديدة عهد، مشيراً إلى أنها ألحقت ضرراً بالغاً بالطرقات والمركبات، وأصبحت مرتعاً للبعوض والحشرات الضارة، وقال: كنت أعتقد أن الحي نموذجي وبعيد عن المشكلات لارتفاعه، ولم أتوقع أن مشكلة المياه الجوفية ستكون هي المشكلة بعد أن أخلت الجهات المعنية مسؤولية إيجاد حل لها، مبيناً أن شركة المياه الوطنية كلفت برفع المعاناة عن الحي، لكنها أسهمت بشكل مباشر في انتشار ‹›حمى الضنك›› التي أصابت عدداً كبيراً من سكان الحي، والسجلات الرسمية لوزارة الصحة تؤكد ذلك. العمالة السائبة وقال مزعل الحارثي إن كثيراً من الخدمات تنقص حي الأجاويد وأهمها السفلتة المتآكلة بفعل المياه، وانعدام النظافة في الحي وكثرة البعوض والحشرات الغريبة، وانتشار النساء اللاتي يقمن بنبش الحاويات في أراضٍ بيضاء كثيرة من الحي، بالإضافة إلى الباحثين عن الكراتين، وكثرة العمالة المخالفة السائبة في الحي التي ولا شك تشكل خطراً كبيراً على أبنائنا وبناتنا داعياً الجوازات إلى التدخل لإنهاء تجمعهم الصباحي في الشارع العام منذ السابعة صباحاً وحتى الحادية عشرة في ظل ذهاب أغلب الرجال لأعمالهم ما يجعل عوائلنا عرضة للخطر، مبيناً أن كل هذه المشكلات تهون أمام مشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية في الحي، معتبراً أنها أساس تلك العوائق. فيما علمت «الشرق» بإصابة ستة من أهالي حي الألفية المجاور لحي الأجاويد بحمى الضنك، وقد انتقل المصابون إلى المستوصفات الخاصة في الحي لمداواتهم وأخذ العلاج اللازم فيها، معللين عدم ذهابهم لمستشفى الثغر الحكومي لكثرة ازدحامه بالمراجعين يومياً. مشاريع جاهزة م. عبدالله العساف من جهته، أوضح مدير وحدة أعمال المياه المهندس عبدالله العساف انه تمت ترسية مشروع تخفيض المياه السطحية لحي الأجاويد على المقاول (سبك) وجارٍ حالياً أعمال تجهيز الموقع، أما حي السنابل فجارٍ حالياً تنفيذ المشروع، وفيما يخص سحب المياه السطحية فقد تمت ترسية مشروع سحب المياه بمبلغ 12مليوناً لتخفيف الأضرار كحل مؤقت في الأماكن المذكورة، وكذلك الأحياء الأخرى لحين الانتهاء من المشروع، موضحاً أن مدة العقود لكل من حي السنابل وحي الأجاويد تسعة أشهر، وهنالك شروط ومواصفات ومقاييس لكل مشروع وتفرض غرامات مالية على المقاول في حال عدم التزامه بها. وكشف العساف عن تأخير في المباشرة بحي الأجاويد، معللاً ذلك بسبب انتظار شركة المياه الوطنية للدعم المالي الجاري توقيع محضره من قبل أعضاء اللجنة الوزارية الفرعية لمعالجة الأمطار والسيول بجدة، مؤكداً أنه لا يوجد تعثر في إيجاد حلول. الفساد أساس المشكلة علي عشقي من جهته، اتهم الخبير البيئي وأستاذ علم البيئة في كلية علوم البحار في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور علي عشقي ما أسماه «الفساد» بأنه الخلل الوحيد في معالجة حمى الضنك الذي صرف عليه مبلغ 1200 مليون ريال في طرق غير مشروعة، متأسفاً على أن الأموال هذه لم تُجند بالطريقة الصحيحة لمكافحة الوباء، واصفاً معاناة الناس في هذا السياق بأنها «أزمة ضمير» لأن هنالك مسؤولين أبعد ما يكونون عن الولاء للوطن والحفاظ على ممتلكاته، بل يتعمدون سرقته وإصابة سكانه بالأمراض. وقال: بالرغم من ذلك تحدثنا مراراً وتكراراً عن الحلول لهذه الأزمات بجلب شركة متخصصة تقضي عليه من بلدان مثل ماليزيا والبرازيل وأمريكا التي تملك إمكانات هائلة في هذا المجال، لكن دون أن يسمعنا أحد. حمى الضنك استوائية وقال عشقي إن الأدهى من ذلك أن حمى الضنك من المفترض ألا تكون موجودة لدينا، حسب الخارطة الجغرافية لوجودها في المناطق الاستوائية التي تهطل بها الأمطار بصفة مستمرة، مشيراً إلى أن مدينة جدة تقع في منطقة جافة لا توجد بها أمطار إلا ما ندر، ولكن المستنقعات هي مَنْ جعلت التربة خصبة للبعوض الناقل لحمى الضنك. مشيراً إلى أن التخلص منها هو في متناول اليد من خلال القضاء على المستنقعات، مستدركاً بقوله يؤسفنا القول إنها تزيد بشكل مطرد، مشيراً إلى أن الحالات وصلت إلى 1400 إصابة كاشفاً عن وجود أربع وفيات بمستشفى الجامعة. إجراءات عاجلة وشدد عشقى على أن الدولة لم تقصر في إيجاد الحلول، ودفعت مبلغ 1200 مليون ريال، لكن الجهات المعنية هي المقصرة في تحريك الملفات القاضية بالقضاء على مصدر الوباء، محذراً من أن الأمر يزداد سوءاً وأن المعاناة كانت فقط في جنوبجدة، لكنها الآن انتقلت إلى شرقها وستنتقل إلى غربها وشمالها الى أن تصبح مرضاً مستوطناً بالمدينة، ما يستدعي اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحتها. الإبلاغ عن المخالفين وقال المتحدث الرسمي لجوازات مكةالمكرمة المقدم محمد الحسين فيما يخص العمالة السائبة في الأجاويد، فنحن نستقبل كل البلاغات سواء عن طريق 992 أو الاتصال المباشر بنا أو الحضور الشخصي لمقر الدوريات أو عن طريق فرق البحث والتحري التي تقوم برصد المخالفات، ومن ثم يتم تسيير الدوريات لكل الشوارع والمناطق والمحاور الأساسية التي يكثر بها المخالفون لنظام الإقامة داعياً إلى التبليغ عن المخالفين. في انتظار رد الصحة فيما تم التواصل مع مدير صحة جدة الدكتور سامي باداود إلا أنه لم يجب عن الاتصالات المتكررة ل «الشرق» لمعرفة أعداد الإصابات الحقيقية بحمى الضنك للأسبوع الماضي والتعليق على ما ورد بهذا الخصوص. جانب من المياه الراكدة أمام أحد المباني الحديثة