في حي الأجاويد قبل ثلاث سنوات تحديدا، غصت الأرض بمياهها ولم تبتلعها بعد حتى يومنا هذا، بل هي في زيادة مستمرة، ورغم أجوائنا الحارة من الواضح أن الشمس عاجزة عن معالجة «أخطاء الأرض»، وقصرت أشعتها عن تجفيف برك المياه، ولم تتدخل أية جهة حكومية لمعالجة تلك الأخطاء كونها ليست ضمن اختصاصاتهم، وحملوا الأرض وحدها المسؤولية. الأهالي قرروا تولي زمام الأمور وحفروا حفرة للمياه، جمعوها وتورطوا فيها، أصبحت خطرا على أطفالهم، وطفحت نحو منازلهم، جلبوا مضخات لضخها إلى الأراضي الفضاء، فأحاطتهم ولم تتوقف الأرض عن غصاتها بالمزيد، فأصبحت مشكلتهم اثنتين، قاسمهما المشترك المياه والسبب «الأرض». عبد الرحمن الزهراني (من سكان الحي المتضررين) يقول «جفت عروقنا قبل أن تجف مياه الأرض، المعاناة مع المياه الجوفية امتدت لأكثر من ثلاثة أعوام، وألحقت الضرر بالطرقات والمركبات، وأصبحت مرتعا للبعوض والحشرات التي أزعجتنا كثيرا، لا سيما أنها تنشر الأوبئة والأمراض». وأضاف «كنت أعتقد أن الحي نموذجي وبعيد عن المشاكل لارتفاعه، ولم أكن أتوقع أن مشكلة المياه الجوفية ستكون هي المشكلة بعد أن أخلت الجهات المعنية مسؤولية إيجاد حل لها». وذكر فهد الثقفي أنهم حاولوا بشتى الطرق العمل على معالجة مشكلة المياه الجوفية، التي أغرقت المنازل، ومنها إحداث حفرة عميقة تجمعت فيها المياه الجوفية، وقاموا بجمع مبلغ مالي وتوفير مضخات شفط للمياه، ونضحها بأنابيب إلى منطقة فضاء، لكن منسوبها ارتفع وداهمت المنازل، وأصبحت المياه المنضوحة بركا لتوالد البعوض والحشرات بالقرب من المساكن. ويقول سعيد الزهراني «الكثير من الخدمات تنقص الحي، وأهمها السفلتة، والنظافة، وانتشار نابشات الحاويات، والباحثين عن الكراتين، والعمالة المخالفة، وهذه المشاكل لا تصل إلى حجم معاناتنا مع ارتفاع منسوب المياه الجوفية في الحي، واختلاطها بمياه المجاري، ومن ثم خزانات المياه، وأطالب الجهات المعنية بضرورة التدخل لإنهاء مشكلة المياه الجوفية، ونخشى هطول الأمطار وحينها لن تحل المشكلة». وقال أبو عبد الرحمن الذي يتابع منزله تحت الإنشاء في حي الأجاويد «للأسف الشديد لا ندري من هي الجهة المسؤولة عن المشكلة، هل هي الأمانة أم الشركة الوطنية للمياه، ولا ندري أين نذهب، أو كيف تنتهي المشكلة ومن سوء حظي أني أسكن على الشارع المتضرر من المشكلة مباشرة، وآخر حل كان للدفاع المدني الذي حوط المياه بسياج حتى لا تشكل خطورة على الأطفال». وأشار إلى أن الأمر يتطلب أولا تجفيف المياه الجوفية، ومن ثم إيجاد الحلول للسفلتة التي تضررت بسبب تجمعات المياه، ومن ثم إعادة تأهيلها واستكمال البنية التحتية للحي. من جهته، أوضح مدير وحدة أعمال المياه المهندس عبدالله العساف أن هناك 12 موقعا ومن ضمنها الأجاويد، تتم الآن دراسة مخططاتها الهندسية وجار الآن الإعداد لها، وحين الانتهاء من دراستها تطرح ضمن منافسة عامة، ومن المتوقع خلال 45 يوما أن تتم ترسية مشاريعها على مراحل. وقال «الجهة المسؤولة عن مشكلة المياه الجوفية هي الأمانة، لكن وبتوجيهات من أمير المنطقة، أخذت شركة المياه الوطنية زمام الأمور ومعالجة الوضع، مشيرا إلى أنها تواصل العمل بشكل يومي لإنهاء معاناة سكان حي الأجاويد تحديدا والأحياء الأخرى بشكل عام، التي تعاني من ارتفاع منسوب المياه الجوفية وعددها 18 موقعا». وأشار إلى أن الشركة تسلمت ستة مواقع وطرحت في منافسة عامة بعد استلام المخططات من إدارة السيول والأمطار، ومنها أحياء كيلو 14 الشمالي والجنوبي والعليا والمتبولي والسامر والحرمين، مبينا أنه توجد اعتمادات مالية تصل إلى مائة مليون لعدة مشاريع، خصصت منها 40 مليونا لعدة مواقع في مدينة جدة.