حذّرت الأممالمتحدةالجمعة من أنّ الاحتياجات الإنسانية لا تزال "هائلة" في غزة على الرغم من زيادة تدفّق المساعدات إلى القطاع الفلسطيني منذ بدء سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. وقالت منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي التابعان للأمم المتحدة إنّهما تمكّنا من زيادة تسليم الإمدادات إلى قطاع غزة منذ دخول وقف إطلاق النار الهش حيّز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير بعد أكثر من 15 شهرا من الحرب. وفي الوقت نفسه، قالت الأونروا في إفادة صحافية في جنيف إنّها ملتزمة مواصلة عملها على الرّغم من قطع إسرائيل العلاقات معها الخميس. -منظمة الصحة تطالب بإجلاءات طبية- وتحدث ريك بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، من غزة، قائلا إنّ الاحتياجات الصحية في القطاع المكتظ بالسكان "هائلة" وسط "الدمار الواسع النطاق للنظام الصحي". وفي القطاع المحاصر هناك 18 مستشفى فقط من أصل 36 لا تزال تعمل وكلّها بشكل جزئي. كذلك فإنّ 57 فقط من أصل 142 مركز رعاية صحية أولية يعمل حاليا في القطاع، إلى جانب 11 مستشفى ميدانيا. وقبل وقف إطلاق النار، باءت بالفشل العديد من المحاولات لإيصال المساعدات الحيوية إلى غزة بسبب القيود الصارمة التي فرضتها السلطات الإسرائيلية، وفقا لوكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومنظمات غير حكومية. وبحسب بيبركورن فإنّ تدفّق المساعدات الصحية بدأ الآن في الارتفاع. وتلقّت منظمة الصحة العالمية 62 شاحنة توصيل ومن المتوقع وصول 22 شاحنة أخرى خلال اليومين المقبلين. وأشار بيبركورن إلى أنّ المستشفيات لديها الآن على الأقل وقود للعمل. وتريد منظمة الصحة العالمية زيادة سعة أسرّة المستشفيات وتأمل في إنشاء مستشفى جاهز في غضون أربعة إلى خمسة أسابيع في شمال القطاع. وأوضح بيبركورن أنّ سعة المستشفيات كانت تتراوح بين 3500 و4000 سرير قبل الحرب، بينما هي الآن تتراوح بين 1500 و1900 سرير. وترغب منظمة الصحة العالمية في زيادة هذه السعة إلى 2000 أو 2500 سرير في أقرب وقت ممكن. وأشار إلى أنّ العبء الصحّي النفسي في غزة "لا يمكن تصوّره". وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فإنّ ما بين 12 ألف شخص و14 ألف شخص، بينهم 2500 طفل، يحتاجون إلى إجلاء طبّي من القطاع لتلقّي علاج عاجل في الخارج. وقال بيبركورن "يجب استئناف عمليات الإجلاء الطبي بشكل عاجل ويجب فتح ممر طبي الآن". وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن تحصل أول عملية إجلاء طبي منذ وقف إطلاق النار السبت، وستكون تلك الأولى عبر معبر رفح إلى مصر منذ إغلاقه في 6 أيار/مايو من العام الماضي. ومن المقرّر أن يغادر نحو 50 مريضا إلى مصر السبت. وتمّ إجلاء 480 مريضا فقط من القطاع منذ أيار/مايو. وأكد بيبركورن أنّه "إذا استمررنا بهذه الوتيرة، فسنكون مشغولين على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة". * برنامج الأغذية يدعم المخابز- من جهته، أعلن برنامج الأغذية العالمي أنّه منذ بدء وقف إطلاق النار، دخلت نحو 600 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة يوميا، بما في ذلك 50 شاحنة تحمل الوقود. وفي الفترة الممتدة بين 19 كانون الثاني/يناير والثلاثاء، سلّم البرنامج أكثر من 10300 طن متري من الغذاء وهو أكثر من ضعف الكمية التي سلّمت في كانون الأول/ديسمبر بأكمله وثلاثة أمثالها في تشرين الأول/اكتوبر. وبحسب البرنامج، هناك إمدادات كافية مخزّنة مسبقا تنتظر على الحدود الحصول على تصريح إسرائيلي لدخول غزة لإطعام أكثر من مليون شخص لمدة ثلاثة أشهر. كما قدّم البرنامج البسكويت العالي الطاقة للنازحين العائدين إلى الشمال. وقال أنطوان رينار، مدير برنامج الأغذية العالمي في الأراضي الفلسطينية، إنّ البرنامج يريد إعادة تأهيل المخابز لتوفير الخبز بأسعار معقولة. وأشار إلى أنّ أسعار المواد الغذائية الأساسية بدأت في الانخفاض داخل القطاع، على الرغم من أنّها لا تزال مرتفعة للغاية. وبعض الأسعار الآن أعلى بنسبة تتراوح بين 100 و1000 في المئة عمّا كانت عليه قبل الحرب، بعد أن كانت أعلى بنسبة 2000 إلى 3000 في المئة قبل وقف إطلاق النار. * الأونروا تواصل أعمالها- من ناحيتها، تعهّدت الأونروا مواصلة العمل في الأراضي الفلسطينية على الرغم من قطع إسرائيل العلاقات معها اعتبارا من الخميس. واتهمت إسرائيل الأونروا بتوفير غطاء لمقاتلي حماس - وهو الأمر الذي تنازعه الأممالمتحدة والعديد من الحكومات المانحة. وقالت المتحدّثة باسم الأونروا جولييت توما إنّ الأونروا تظل العمود الفقري للمساعدات الدولية لغزة وإنّ وقف خدماتها من شأنه أن يؤدي إلى "عواقب كارثية". وحذّرت من أنّه "إذا لم يُسمح للأونروا بمواصلة جلب وتوزيع الإمدادات، فإن مصير وقف إطلاق النار الهشّ للغاية سيكون في خطر". وأضافت أنّ موظفي الوكالة الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية يواجهون "بيئة معادية بشكل استثنائي مع استمرار حملة تضليل شرسة ضد الأونروا". وبخصوص تمويل الوكالة، أشارت إلى أنّ "وضعنا المالي غير واضح بتاتا". وتابعت "آخر شيء نريده هو تعليق خدماتنا بسبب نقص التمويل". وأسفر هجوم حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 عن مقتل 1210 أشخاص على الجانب الإسرائيلي، غالبيتهم من المدنيين، وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية، بمن فيهم الرهائن الذين أُعلن عن مقتلهم في وقت لاحق. ومن بين 251 شخصا احتجزوا في الهجوم، لا يزال 79 منهم رهائن في غزة، وقتل ما لا يقلّ عن 34 منهم، وفقا للسلطات الإسرائيلية. وأدّى الهجوم الانتقامي الذي شنّته إسرائيل على قطاع غزة إلى مقتل 47460 شخصا على الأقلّ، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس والتي تعتبرها الأممالمتحدة موثوقا بها.