يبدو أن ثمة بحيرة «مسك» جديدة في القريات، بعد الحادثة الشهيرة التي حدثت في جدة، تلك التسمية التي تثير الخوف والرعب لدى كثير من المواطنين، من جراء ما قد ينجم عن هذه البحيرة من أضرار بيئية وصحية. لدرجة وصفها بالكارثة. فأهالي محافظة القريات الذين يعيشون هذه المعاناة، أبدوا تخوفهم من مشكلة الصرف الصحي التي تستمر معهم منذ فترة، حتى أنهم سمّوا البحيرة – المشكلة، بحيرة «المسك». تلوث البيئة ويشهد موقع بحيرة صرف القريات المجاور لسوق الماشية حالياً تدهوراً تاماً للنظام البيئي، وذلك بسبب عدم وجود مساعٍ جادة من قبل الجهات المعنية لمعالجة الوضع على الرغم من طول المعاناة التي تمتد لأكثر من عام لتبقى على حالها دون تدخل، الأمر الذي تسبب في إحداث ما أسموه ب الكارثة، التي قد تسبب تلوثاً مزمناً في البيئة، وتظل هذه البحيرة تنفث روائحها الكريهة لتصل أبعد منزل في القريات. ولم يقتصر ضرر البحيرة على التلوث الذي أصاب البيئة ومن حولها فقط إنما تجاوزها ليصل إلى عزوف عدد كبير من أهالي أقرب الأحياء السكنية لها «الفيصلية» وترك منازلهم والانتقال إلى أخرى بعيدة عن الموقع في حين لم يجد سكان الحي غير المقتدرين مالياً للبحث عن بديل إلا الصبر على المعاناة وتقديم الشكاوى المتتالية للجهات المعنية أملاً في حل المشكلة دون جدوى، فهم محاصرون بين سيل مياه الصرف الصحي، ومئات الجيف المتناثرة، وأطنان الأنقاض والمخلفات والنفايات، وقد كونت جميعاً مزيجاً ينفث ويضخ روائح كريهة بتركيبة مركزة. تجمع الحشرات وقد اشتكى عدد من الأهالي ومن سكان حي الفيصلية بالتحديد من انتشار البعوض وبشكل لافت للنظر معربين عن تخوفهم من هذا الانتشار، الذي قد يسبب أمراضاً وبائية، فيقول خالد العنزي مع بداية موسم الصيف انتشر البعوض بشكل كثيف وملحوظ في حي الفيصلية، حيث إننا لا نستطيع النوم من هذه الحشرة رغم استخدام المبيدات الحشرية. ويقول محمد الرويلي من سكان الحي إن المشكلة لم يتم حلها منذ سنوات، وهي بحيرة الصرف الصحي الواقعة بجوار حراج الأغنام التي تتمثل بالمستنقع العاري وانتشار الذباب والحشرات الضارة التي تزحف إلى حي الفيصلية، وقد قمنا بتقديم شكاوى سابقة منذ أعوام ولكن إلى الآن لم نر حلاً لذلك، آملين أن يصل صوتنا إلى المسؤولين بالتحرك والبدء بأعمال رش البحيرة والحي والمنازل بالمبيدات المناسبة للقضاء على بؤر تجمع الحشرات. حبر على ورق ويقول محمد عبدالله إن جميع السكان وعائلاتهم الموجودين في الحي حالياً مغلوبون على أمرهم، وليس لهم خيار آخر سوى تحمل المعاناة لكل ذلك، فكثير ما تقدمنا بشكاوى جماعية وبرقيات فردية لجميع المسؤولين المعنيين في الأمر، ولم نجد ردوداً فعالة، فكم من التوجيهات ذات العبارات الرنانة وجه بها على خطابات الشكوى التي نقدمها، وكنا في البداية نفرح بها ونجتمع لأيام احتفالاً بما كنا نعتقد أنه سيأتي ولكن اكتشفنا أن الحلول المزعومة كانت حبراً على ورق فقط وبقي الواقع على حاله منذ أعوام ولم يعد لنا إلا الصبر الذي أصبح أمراً تعودنا عليه. وأكد عبدالله أن أكثر ما يضايق أهالي الحي حالياً هو انتشار البعوض بشكل مخيف ومرعب لأن «النامس أو القارص» كما يسمونه يختلف تماماً حجماً ونوعاً عن الموجود في بقية الأحياء فحجمه أكبر ثلاثة أو أربعة أضعاف، ويأتي على هيئة أسراب طائرة أشبة بالجراد، ويمتلك مخزناً كبيراً وواضحاً للدم بشكل مقزز جداً، كما أنه يهدد بنشر الأمراض والأوبئة، مثل: الملاريا وأمراض الأورام الليمفاوية، وأمراض الدم المعدية التي تنقلها تلك الحشرات، وهو ما قد يتسبب في حدوث كارثة إنسانية كبيرة بين أهالي الحي إن لم يتم تدارك ذلك بشكل عاجل. المعالجة في مراحلها الأخيرة من جهته، قال ل «الشرق» المتحدث باسم المديرية العامة للمياه بمنطقة الجوف أحمد الرويلي: «إن ما تقوم به مديرية المياه حالياً هو استكمال محطة معالجة مياه الصرف الصحي بالقريات حتى يتم تشغيلها حسب الطرق المتبعة في ذلك». وأضاف أنه من خلال عقود الدراسات والتصاميم للصرف الصحي لإيجاد الحلول للفائض النهائي للمحطة وتفعيل إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في ري المزروعات والأشجار في الشوارع التابعة للبلدية ومعالجة الموقع الحالي للفائض النهائي لتقليل الأضرار الناتجة منه. وقال كل هذه الأمور تحتاج لدراسة بيئية ومرتبطة بعدة جهات حكومية واختيار الموقع يرتبط كذلك بجهات أخرى، وهي في المراحل الأخيرة. وبفضل توجيهات سمو أمير منطقة الجوف سيتم تذليل ما يواجه المديرية من عقبات لإنجاز الأعمال. وكان مدير عام المياه بمنطقة الجوف المهندس عبدالله الأحمري قد أكد قبل نحو عام تعليقاً على القضية أنهم يعملون على حل المشكلة بشكل عاجل، وذلك من خلال تكليف شركة استشارية عالمية لدراسة وضع المصب الحالي وسرعة إيجاد الحلول الجذرية للتخلص من المياه الناتجة عن المحطة والقضاء على البحيرة القائمة، وقامت الشركة بدراسة المنطقة وقدمت عدداً من المواقع البديلة التي يمكن استخدامها لصرف مياه الفائض إليها. وأكد الأحمري حينها «أنه سيتم بمشيئة الله نقل المياه بعيداً عن المحافظة لعدة كيلومترات إلى حين إيجاد الطرق المناسبة للاستفادة منها مستقبلاً». مصب لمياه الصرف الصحي في البحيرة تجمع للحشرات والبعوض