صديقنا يحيى إبراهيم آل عواض، حصل على شهادة الدكتوراة مؤخراً من جامعة الإمام بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، وهو يستحقها تماماً لإمكانياته العالية ولأنه -وهذا الأهم عندي- لم يقم بشرائها كبعض الركب المبارك هنا وهناك. طبعاً هذا ليس موضوع المقال؛ بل الموضوع هو التهاني العجيبة التي قيلت لصديقنا العزيز، وكان أغلبها يردد تلك الدعوة الشهيرة جداً التي تُقال لكل من حصل على شهادة دكتوراة في البلد: (اللهم اجعلها عوناً على الطاعة). حسناً هذه دعوة جميلة وعظيمة ولا غبار عليها أبداً؛ لكنني أعتقد أنه لا علاقة للدكتوراة أو غيرها بطاعة الله سبحانه وتعالى. بمعنى آخر فإن حصولك على الشهادة أو المنصب أو حتى المال؛ ليس ضرورياً كي تطيع الله سبحانه. فطاعته فريضة وتأتي دون شروط وجاهة من أي نوع، ومن يريد طاعة الله فعلاً فهو يطيعه بعيداً عن هذه التعقيدات/ العادات الاجتماعية المتكلفة والممجوجة، وإلا لكان حامل الابتدائية -وفقاً لهذا المنطق الأعوج- يحتاج إلى المتوسطة كي يطيع الله بشكل أفضل، ومثله حامل الثانوية العامة يحتاج إلى البكالوريوس كي يتدرج في طاعة الله بما يُرضي المُهنئين البُسطاء دائماً في تفكيرهم، وإن عكست (تهويشاتهم) غير ذلك. الحقيقة أن مثل هذه الأدعية -على براءتها وطيبة قائليها- هي إرث ثقافي حُمل إلينا من أيام الصحوة، وهي كانت في الأساس ضمن محاولات كثيرة لتعميم تقاليد قولية وعناوين في غير مكانها، وربما تجاوزها العصر، وهي مثل أكذوبة الأدب الإسلامي، والعرس الإسلامي. أما الشهادات فلا تعين على الطاعة إن كانت مفقودة من الأساس؛ مبروك يا مولانا.