الحياة الزوجية يتخللها شد وجذب من كلا الطرفين، فكل يتحجج بحقوقه على الآخر، وهكذا تصبح العلاقة بينهما حقوق وواجبات ولا مجال إلا للعدل وإيتاء كل ذي حق حقه، ومن تلك المصطلحات الزوجية التي أصبحت مثار جدل بين الأزواج "الطاعة” فالمرأة تؤكد طاعتها للزوج في حدود الحلال والمعقول، والزوج يرى من حقه أن تطيعه في كل وقت وحين! مما يجعل العلاقة بينهما تتأرجح فتارة هم في وفاق وتارة في شقاق! “الرسالة” ناقشت قضية طاعة المرأة لزوجها في ضوء الشرع فإلى ثنايا الموضوع: الطاعة مؤشر للحب بداية يبين المشرف العام على موقع ناصح الدكتور مازن بن عبدالكريم الفريح أن الطاعة بين الزوجين من أبجديات نجاح الأسرة، ويقول: الطاعة بين الزوجين من أساسيات نجاح الحياة الأسرية، وهي عامل مهم في زيادة الحب والألفة وتحقيق الانسجام؛ إذ بدونها تعم الفوضى، ويكثر الخصام الذي قد يؤدي إلى الانفصال، ولكي نعزز من الطاعة بين الزوجين لا بد أن نتذكر عدة أمور أولها تنمية الحب بين الزوجين؛ لأن الحب من أكبر الدوافع التي تدفع الإنسان لطاعة من يحبه كما قال القائل: "إن المحب لمن يحب مطيع” وهذا يحتاج من الطرفين بذل أسبابه كالاحترام المتبادل والتضحية والقيام بحقوق الآخر.. الخ"، فعبارة "إذا أردت أن تطاع فمر بالمستطاع” يرددها الكثير من الناس، فعلى الزوجين أن يراعي أحدهما الآخر عندما يريد منه أمرًا لتحصل الاستجابة، فمن الأهمية مراعاة الحال والوقت والمكان أيضًا. وأضاف الفريح: كذلك لا بد من تحفيز الطرف الآخر ليطيعك فيما تريد، فإن الله عز وجل عندما أمر بطاعته، ذكر الكثير من المحفزات من المطيعين في الدنيا والآخرة، وأقل المحفزات هي شكر المطيع والدعاء له ومدحه والإشارة بكرمه وفضله. فبعض الأزواج يظن أن طاعة الزوجة لزوجها طاعة مطلقة لا يحدها حدود من الشرع أو العرف، وبالتالي يطلب منها أن تطيعه في المحرمات كقطع رحمها بغير حق وتمكينه من نفسها في الموضع المحرم أو في وقت حيضها، أو طلبه الطاعة في أشياء ليست من حقه كطلبه أن تعطيه أموالها بغير وجه حق. وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". فالطاعة متبادلة. ومن الأمور التي يجهلها الكثير من الرجال أنه يجب عليه أن يطيع زوجته في أداء حقوقها عليه ومسؤولياته تجاهها، كما يجب عليها أن تطيعه، فيجب عليه أن يطيع زوجته في الواجب عليه من النفقة والسكنى، وأهم من ذلك وأوجب حسن العشرة وطيب الصحبة. الطاعة طريق الجنة من جهة أخرى يشدد الداعية الإسلامي الدكتور إبراهيم الطلحة على أهمية طاعة المرأة لزوجها وقال: طاعة المرأة لزوجها تكون في حدود ما أحل الله، فلا يجوز أن تطيعه فيما حرم الله وفي معصيته جل وعلا، فالطاعة تكون بالمعروف، وأيضا أن لا يشق الزوج على زوجته بالطلبات حتى تستطيع أن تستجيب له ولأمره، فالزوجة لو استجابت في أمور أحيانًا تكون ليست سهلة، بل صعبة عليها، وليست من المعصية في شيء فلا شك أن هذه المرأة صالحة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال عن المرأة الصالحة: "ما رزق المؤمن بعد التقوى خير من زوجة صالحة إذا نظر إليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا أقسم عليها أبرته” وهو طريقها إلى الجنة، وأسهل طريق إلى الجنة وأعظم طريق إلى الجنة، أن تصل هذه المرأة إلى جنة عرضها السماوات والأرض، وهو هدفها الأسمى من خلال زوجها، ولا شك أن المرأة قد تعاني معاناة من بعض طلبات الزوج الشاقة، وبعض الأوامر تكون صعبة لكن تتذكر أن هذه عبادة، فكما أنها تستيقظ لصلاة الفجر، وهو عليها شاق وتصوم النهار وهو عليها شاق، كذلك طاعة الزوج هي من الأمور التي تتقرب بها المرأة إلى الله جل وعلا، فطاعة الزوج من طاعة الله، وقد حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات، لكن هناك أمورًا يمكن للمرأة أن لا تطيع زوجها فيها إذا كان ذلك في معصية الله جل وعلا، أو يكون في أمر يؤدي إلى إيذائها صحيًا أو نفسيًا أو اجتماعيًا فلا تطيعه، ويحق لها أن تتحاور مع زوجها لتوضح له سبب عدم طاعته حتى تحدد له الطريق الصحيح. فهم النفسيات واسترسل الطلحة فقال: لا شك أن المرأة تستطيع حفظ بيتها من المشاكل التي تنبع من عدم طاعتها لزوجها من خلال فهم نفسيته، فالرجل في بعض الأحوال يعتقد أنه أعلى مقامًا من المرأة لذا يحب دائما أن يصدر أوامره، لكن المرأة تستطيع أن تصل إلى زوجها بما تريد من خلال الأسلوب الناجح وذلك بالمشاورة وطرح الرأي، وأن يكون ذلك بطريق سلس وغير شاق وأن لا يشعر الزوج أن هناك تأمرًا من الزوجة عليه أو أسلوبًا قاسيًا أو أسلوب أوامر، ويشعر الرجل احيانًا أن القوامة للمرأة أو أنها تحاول فرض شخصيتها، فلا بد أنها تحاوره بالحسنى لكن إذا عصت زوجها في أمر تقدر عليه، فهنا عليها أن تعلم أنها لا تعصي زوجها فقط، بل تعصي الله جلا وعلا أيضًا. ضابط الطاعة ويشدد الداعية الإسلامي الدكتور سعود الفنيسان على أن ضابط طاعة المرأة لزوجها في المعروف فقال: ضابط طاعة المرأة لزوجها في المعروف، والمعروف هو ما عرف به الشرع أي ما نص عليه في الكتاب والسنة، ومن طاعتها لزوجها أن تقوم بخدمته، وأن تقوم بما لا يضرها، ويجب عليها أن تحفظه في عرضه وبيته وماله، كما في الحديث: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها”. ورعايتها له تكون في رعايتها لأبنائه ورعايتها له من خلال النظر إلى ما يحبه الزوج من الحلال، وأن يكون نظرها وفقًا لنظره، أما في المعصية فلا سمع ولا طاعة كما جاء في الحديث: “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق” ومن رعايتها لبيتها أن لا تدخل فيه أحدًا لا يحبه زوجها أو يكرهه، ولو كان من أهلها وأقاربها أو أصدقائها إذا كان هو يكره أولئك، وأن لا تدخل عليه سوءًا في عرضه، بمعنى أن تدافع عن عرضه، وأن لا تلحق به ضرر أو سب أو شتم أو إلحاق أذى به أو التقول عليه ونحو ذلك، وأن تحفظه في ماله، فكل هذا واجب على المرأة في حق زوجها". حق المرأة وأضاف: للمرأة حق على زوجها فمن حقها أن يقوم بأمر دينها ودنياها ويعلمها أمر دينها ويساعدها في خدمة بيتها إذا استطاع ذلك، أو يأتي لها بمن يقوم على خدمتها إن كان قادرًا على ذلك، وكذلك عليه أن يقوم بتوفير حاجاتها الضرورية من لباس ومسكن، وكذلك أن يشبع رغبتها الجنسية فلا يحثها على الحرام، وأن يقوم بعلاجها إذا مرضت وأن يسمح لها بزيارة أهلها وأقاربها بين وقت وآخر، فكل من الزوجين له حق على الآخر وإذا دامت العشرة بين الزوجين وفق التفاهم والعلم والشرع دامت الأسرة وتماسكت، وإذا ضعفت الصلة بالله والتواصل تفككت الأسرة.