يتوجه ملايين العراقيين اليوم لانتخاب أكثر من ثمانية آلاف مرشح، في انتخابات مجالس المحافظات في 12 محافظة، وكشفت وسائل إعلام عراقية عن لجوء بعض المرشحين إلى العرافات لمعرفة حظوظهم الانتخابية وقراءة الطالع الانتخابي، لاسيما مع تزايد أعداد المرشحين الذين تم اغتيالهم أو وجهت التهديدات لهم بالاغتيال وأغلبهم من مرشحي قوائم الكتلة العراقية. وسعى المرشحون لتحصيل أصوات انتخابية بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، بينما يعمل في مشاريعهم الانتخابية مئات ممن كانوا عاطلين أو معطلين قبل أن تفتح لهم الانتخابات المقبلة باباً للرزق وتهدر ملايين الدنانير على دعاياتهم الانتخابية بهدف بلوغ الفوز الذي سيمنحهم الفرصة الذهبية إما لخدمة المواطنين كما تعلن عن ذلك لافتاتهم أو لتحصيل أضعاف ما أنفقوه من مال. ثمانية آلاف مرشح وفتحت المفوضية صباح اليوم أبواب خمسة آلاف و178 مركزاً للاقتراع و32 ألفاً و201 محطة انتخابية، في المحافظات المشمولة بالانتخابات، وستغلق الساعة الخامسة مساء، وفقاً لتصريح المتحدث باسم المفوضية صفاء الموسوي، وتأكيده على «أن عدد المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات يبلغ أكثر من ثمانية آلاف مرشح، بينهم ألفان ومائتا مرشحة، موزعين على 265 كياناً سياسياً وخمسين ائتلافاً، تم اعتمادها من قِبل مفوضية الانتخابات». وأضاف «أن المفوضية هيَّأت 180 ألف موظف اقتراع في المحافظات المشمولة بالتصويت العام، منهم موظفو الاحتياط في حال وجود أي فراغ في المراكز الانتخابية، وهم أيضاً مدربون ومهيأون لحالات الطوارئ». ويبلغ عدد مقاعد مجالس المحافظات في بغداد 58 مقعداً، من بينها 15 مقعداً مخصصة للنساء، ومقعد واحد لكل من المسيحيين والصابئة المندائيين والكرد الفليين والتركمان. وعود انتخابية وتشخص أبصار العراقيين وتترقب بدقة الحملات الدعائية للمرشحين بحثاً عن أشخاص جدد، تكون لديهم القدرة والكفاءة التي تؤهلهم لانتشال مظاهر التردي الخدمي والأمني والثقافي وانتشار الفساد وتفشي البطالة، ولعل الخوف من المجهول وإمكانية عودة الفاشلين مرة أخرى لشغل مناصبهم، جعل كثيرين يتخوفون من المشاركة في هذه الانتخابات، لئلاً يعود الأشخاص غير المؤهلين، وسط أمواج متلاطمة من الوعود الانتخابية لعل أبرزها الوعود التي قطعها المالكي لمحافظات الجنوب التي قام بزيارتها قبل أيام من موعد هذه الانتخابات بالانتهاء من أزمة السكن وتحويلها إلى «جنة» بسبب عوائد النفط التي تنتجها لاسيما محافظتي ميسان والبصرة. توقعات بالعزوف وتوقع مراقبون للشأن العراقي أن تشهد الانتخابات عزوفاً ملحوظاً من المواطنين بسبب خيبة الأمل التي أصابتهم جراء تعاقب أشخاص غير مهنيين واستمرار معاناتهم على مدى تسع سنين مضت، لم يلمسوا خلالها أي تحسن يذكر، وعلى المستويات الحياتية كافة. ولكن النائب المستقل عبدالهادي الحكيم أعرب عن تفاؤله بأن تجري الانتخابات المحلية المقبلة بانسيابية وإقبال واسع من قِبل المواطنين «لما تمثله من نقلة وتغيير على مستوى الساحة السياسية المحلية، ما ينعكس إيجاباً لمصلحة المواطن العراقي وتقديم الخدمات له». وقال في بيان له «إن التردد والإحباط الذي يعيشه المواطن يجب أن لا يكون بأي حال من الأحوال سبباً في عدم المشاركة الواسعة في الانتخابات، كما أنه ليس من الصحيح تحميل العملية الانتخابية من خلال عدم المشاركة فيها مسؤولية الإخفاق الحاصل في تقديم الخدمات وتحسين الواقع المعيشي الذي يتوق له الشعب العراقي بعد سنوات عجاف من الظلم والاضطهاد والحرمان». فيما دعا رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني الناخبين إلى «التأني في اختيار المرشحين لمجالس المحافظات وقراءة البرامج الانتخابية لكل القوائم قبل الشروع بإدلاء الأصوات في الانتخابات». وقال في بيان صحفي إن «على الناخبين قراءة البرامج الانتخابية للقوائم والمرشحين والتصويت على أفضلها بعيداً عن التخندقات الطائفية والتعصبات القومية والحزبية». ومن جهته، دعا المرجع الشيعي بشير النجفي إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات، مشدداً على أن عدم المشاركة فيها سيؤدي إلى «السماح باستمرار المسيئين وصعود الفاسدين». وحرّم في بيان صدر عن مكتبه «بيع الأصوات، لأن صوت المواطن أمانة في يده، وأن بيع الأصوات ينشر الفساد في أروقة الحكومة». وهناك من يأمل بولادة تحالفات جديدة تقرب وجهات النظر بين الكتل لحل المشكلات التي استمرت منذ تشكيل الحكومة الحالية، لكن عدداً من النواب استبعدوا تغير خارطة التحالفات السياسية. وتوقعت النائبة إنتصار الجبوري عن ائتلاف العراقية، أن تكون هناك تحالفات بعد إعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات لتشكيل كتل كبيرة يكون المحافظ منها، مشيرة إلى أنها لا تتوقع فوز كتلة كبيرة في انتخابات مجالس المحافظات، وإنما ستكون هناك تحالفات بين الكتل بعد إعلان النتائج. وفي ديالى، دعا الشيخ فراس المكدمي خلال خطبته التي ألقاها في جامع سارية في بعقوبة أمس، المواطنين إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع والمشاركة الفاعلة واختيار الأنسب والأكفأ لتحقيق طموحات وآمال أهالي المحافظة وتفويت الفرصة على من يريد إفشالها دون التدخل أو التلميح لاختيار هذا أو ذاك. العرَّافون والمشعوذون وتشير مصادر مطلعة إلى أن بعض العرافين والمشعوذين تعاقدوا مع شركات تقدم خدمات الأمن والحماية أو التسليح من أجل توفير الحماية لأرواح هؤلاء المشعوذين والدجالين الذين قد يتلقون تهديدات إذا ما صدقت تنبؤاتهم. وبحسب المصادر، فإن أكبر طاقم حماية أمنية يوجد حول منزل إحدى العرافات في مدينة بغداد التي تعدّ أشهر العرافات وسبق أن تلقت تهديدات بالتصفية من قِبل مسلحين وربما سياسيين كبار. وفي ظل تباين التوقعات بشأن إقبال أو عزوف المواطن عن التصويت في الانتخابات المحلية اليوم ودعوات كثيرة مطالبة بمشاركة جماهيرية واسعة، يبقى الجميع في حالة ترقب لما ستسفر عنه هذه الانتخابات.