السابعة من صباح اليوم الاحد، وعلى مدى عشر ساعات، يتوجه حوالى 9 ملايين عراقي، من اصل 19 مليوناً يحق لهم الاشتراك في اختيار اعضاء مجلس النواب (البرلمان) الجديد الى مراكز الاقتراع في مختلف انحاء الجمهورية لتسمية من يعتقدون بانهم الافضل للتشريع في مرحلة مفصلية من تاريخ العراق الحديث لتحدد مصيره ومستقبل الوجود العسكري الاميركي فيه. وتجري عمليات الاقتراع على وقع تهديدات امنية كبيرة ومحاذير واسعة من عمليات تزوير في وقت سرت تكهنات عن امكانات تشكيل 6 كتل سياسية رئيسية داخل البرلمان تتقدمها كتلتا رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الوزراء السابق اياد علاوي مع افاق مفتوحة للتحالف بين اكثر من طرف لتسمية رئيس جديد للوزراء واعضاء الحكومة الجديدة. وسيكون على العراقيين اختيار 325 نائباً من بين 6218 مرشحاً ينتمون الى 86 كياناً سياسياً بينها 12 ائتلافاً انتخابياً كبيراً. ويتوقع ان يراوح الاقبال على الانتخابات بين 40 و50 في المئة، في ضوء تهديد تنظيم «القاعدة» بتنفيذ تفجيرات، اعقبه اعلان القوات العراقية حظر تجول من العاشرة مساء امس الى ما بعد انتهاء الاقتراع، ما اشاع ظلال القلق على الانتخابات على رغم التطمينات الامنية. وبعد 22 يوما من الدعاية الانتخابية، التي كانت معبأة بالاتهامات المتبادلة بين الاطراف واستخدام جميع السبل للوصول الى الناخبين بطرق مشروعة وغير مشروعة، تفجر جدال مساء «يوم الصمت الانتخابي» امس بسبب خطاب لرئيس الوزراء بثه التلفزيون الرسمي حض فيه على المشاركة في الانتخابات، ما اعتبره خصومه وكتل سياسية مختلفة خرقا لقوانين الصمت الانتخابي. ومع وجود هامش لمفاجآت، قد تظهر في عمليات الاقتراع، تجمع التحليلات السياسية الى امكانات ظهور 6 كتل رئيسة تتقدمها بشكل واضح كتلتا «العراقية» بزعامة علاوي و»ائتلاف دولة القانون» بزعامة المالكي اللذين سيقودان مرحلة شاقة لكسب التحالفات لضمان تشكيل احدهما الحكومة. وستحل بعد الكتلتين كل من «الائتلاف الوطني العراقي» و»ائتلاف وحدة العراق» و»الائتلاف الكردي» و»التوافق» مع حظوظ غير محسومة لقوائم «احرار» و»التغيير» و»الوحدة الوطنية». وسيترتب على انتخابات السابع من آذار (مارس) اختيار رئيس جمهورية ورئيس برلمان ورئيس حكومة جدد على ان يُكلف الاخير تشكيل حكومة تقود البلاد في السنوات الاربع المقبلة وتتسلم السيادة كاملة بعد الانسحاب العسكري الاميركي. ووفق التوزيع المتوقع لخريطة الكتل السياسية سيكون اسلوب «الصفقة الكاملة» حاضراً ليس في اختيار الزعماء الثلاثة فقط بل في توزيع الحقائب الوزارية. ويتوقع ان تحسم مدن بغداد (70 مقعداً منها مقعد مسيحي) والموصل (34 مقعدا منها 3 مقاعد للمسيحيين والشبك والازيديين) والبصرة (24 مقعداً) والسليمانية (17 مقعداً) تشكل بمجموعها قرابة نصف مقاعد البرلمان خريطة الكتل السياسية الرئيسة في البرلمان المقبل. وتبدو الانتخابات العراقية مدخلا اساسيا لتحديد مستقبل وجود القوات الاميركية في العراق بعد صدور رسائل متناقضة من واشنطن في شأن مستقبل هذا الوجود صاحبتها رسائل عراقية متناقضة بدورها. ويعتقد بان ترتيب الخريطة السياسية لما بعد الانتخابات شرط اميركي اساسي لانسحاب يصفه الرئيس الاميركي باراك اوباما ب»المسؤول». وعلى رغم ان القيادات الامنية، التي دخلت حالة استنفار منذ ايام، اعلنت ان خطة حماية الانتخابات «عراقية» بالكامل، يتوقع ان يُسهم الجيش الاميركي في توفير الدعم الجوي والرصد الاستخباري، وسيكون للاميركيين حضور مباشر في المناطق المتنازع عليها (كركوك واجزاء من ديالى وصلاح الدين والموصل) بالاضافة الى قوات البيشمركة الكردية والجيش العراقي. وفي مواجهة القلق من التزوير، قال رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فرج الحيدري ل «الحياة» ان «المفوضية تبذل جهوداً جبارة لمواجهة التزوير»، مؤكداً ان «عمل المفوضية يتسم بالشفافية وتتم مراقبته من ممثلي المرشحين خصوصاً عند فرز الأصوات وعدها». وجاءت تصريحات الحيدري بعد تحذيرات بعض القوى، خصوصاً «المجلس الاعلى الاسلامي» و»التيار الصدري»، من تزوير الانتخابات. وحض المرشح عن التيار الصدري محمد الدراجي «الحكومة العراقية والأميركيين على احترام خيارات الناخبين»، وحذر من «ردود الفعل على اي محاولة تزوير». وكشف الدراجي ان التيار، واذا فاز بنسبة عالية من المقاعد، سيرشح أحد كوادره لرئاسة الحكومة، وتوقع ان تحرز قائمة «أحرار» التابعة للتيار نحو 45 مقعداً.