مع مطلع كل عام ميلادي، ينتعش سوق المنجمين والمنجمات؛ إذ يكون بانتظارهم ملايين البشر؛ لمعرفةِ ما يخبئ لهم عامهم الجديد من أحداثٍ سياسيةٍ وكوارثَ طبيعيةٍ وأوبئة، فضلاً عن تعلق بعضهم بالمنجمين على مدار العام لمعرفة تأثير أبراجهم على حياتهم اليومية، عبر سَيلٍ من الاتصالاتِ الفضائية. مما يؤسف له، هو: تزايد قناعات بعض المسلمين بتأثير الأبراج على مستقبلهم، لدرجةِ أنّ شاباً ذهب لخِطبةِ فتاةٍ من أسرةٍ عربيةٍ مسلمة، ففوجئ بأن والد العروس لم يسأله عن وضعه الوظيفي أو امتلاكه سكناً، أو حتى التحري بالسؤال عن أخلاقه، بل سأله عن بُرجه، قائلاً: إنْ كان بُرجك الجدي فلا مانع عندي؛ لأنه يوافِقُ بُرجَ ابنتي الثور، فرَدّ الشابُّ ساخراً: مع الأسف، أنا لست من مواليد برج الجدي، ولكن لحسن الحظ أنني من مواليد برج (البقرة)، ومبتعثٌ للدراسة في «تكساس» ما يعني أن ابنتكم المصون، ستكون مناسبة لي لنعمل هناك مع (الكاوبوي) في رعي البقر! فرد الأب مبرراً: يا ولدي، أنا أقصد، لو أنّ برجيكما غير متوافقين؛ فستنشب بينكما مشكلات لا حلول لها بعد زواجكما! الطريفُ، أنّ (جحا) سُئل ذات مرة عن برجه، فقال: (التيس)، فقالوا له: ولكن لا يوجد بُرجٌ اسمه التيس! فقال: عندما كنت صغيراً، قالت لي أمي إن برجي الجدي، أما الآن فقد كَبُرَ معي وأصبح تيساً. لا أؤمن بضروب التنجيم في علم الغيب، ولكنني أحاول فهم العلاقة العلمية بين اضطراب أمزجة البشر، وتهيج سلوك الحيوان، بفعل الأثر الموسمي، وأؤمن بأن النظام الكوني مرتبطٌ بعضه ببعض، يؤثر ويتأثر على قدرٍ موزونٍ بأمرِ اللهِ تعالى، لا بدعوى المنجمين.