نقف عند محطة البنزين نريد عاملاً بسبع أيادٍ لكي يصب لنا الوقود جميعاً في لحظة واحدة، وحينما يُخبرنا أن خزان الوقود في الجهة الأخرى نضيق ذرعاً وكأنها ليست سيارتنا وليست مسؤوليتنا أن نقف في المكان المناسب. البعض اتخذ أكتاف الطريق مسلكاً له يمشي بسرعة ألف ولا يبالي ولا كأن الأكتاف وُضعت للطوارئ لسيارة إسعاف تنقذ مريضاً ينزف أو لسيارة حريق تطفئ بيتاً يشتعل أو لسيارة شرطة تلاحق مجرماً هارباً، المهم أن يصل صاحب الأكتاف بسرعة البرق ولا يدري هو إلى أين ذاهب ولا لماذا هو طائر! وكل مدننا متشابهة في الكآبة والجمود. حتى عندما نكوي أشمغتنا نأتي مستعجلين للمغسلة وخلال ساعة واحدة، فخزان صبرنا نفد منذ زمن، لماذا نحن نزِقون؟! لماذا نحن (طايرين) دائماً؟! لا أدري! إذا ما جرتك الظروف إلى أن تعبئ خزان سيارتك بالوقود في مدينة هيوستن الأمريكية بأهلها الغلاظ وبجوها الحار الذي يذكرك بجو السعودية ورطوبتها التي تضاهي رطوبة الشرقية وبخدمة التعبئة الذاتية التي تجعلك في كل مرة تحملق في ماكينة تعبئة من نوع جديد لتقرأ التعليمات ثم تجرب بطاقاتك كلها لتعرف كيف تتم عملية الدفع، وإذا ما راودتك نفسك عن سؤال موظف المحطة فسيرمقك بنظرة تجعلك تعاود أدراجك لتسحب لي البنزين وتبدأ الضخ الذي أحياناً يجعل البنزين يطيش عليك وعلى ملابسك، هنا نعبئ البنزين ونحن في سياراتنا والمكيف يعمل وكل ما عليك هو قول كلمة واحدة «فُل أو مش فُل». سألت صديقي الهندي: من أين تشترون الصبر؟ قال لي: من دكان الحياة!