قبل أيام مضت كنت في مدينة جدة في زيارة سريعة وخطافية ليوم واحد فقط، وصلت مطار جدة قبيل الظهر، واستأجرت سيارة، وعندما ركبت السيارة لفت انتباهي مؤشر البنزين المضيء، فسألت العامل المسؤول؟ قلت له: مدير كم يوصل هذا بنزين؟ «لا تدققون يا شباب» قال: هذا يمشي أربعين كيلو!! طبعا أنا وضعت يدي على قلبي خوفا من انقطاع البنزين، لكن قلت: الرجل واثق من كلامه، فكرت أملأ خزان الوقود من أقرب محطة، لكن قلت في نفسي فيه محطة على بعد 20 كيلو تقريبا فيها شاي مغربي على كيف كفيك تذكرك بأمواج المحيط الأطلسي الهادرة، لحظة غروب الشمس، وكأنها تقول لك: يا رجل سبح بحمد الله، فنحن البحار نسبح بحمد الله، وبينما أنا في هذا الخيال الواسع، أسير في الخط الدائري، وإذا بالسيارة بدأت تتقطع في مسيرها، والسرعة تقل شيئا فشيئا، حتى وقفت تماما في وسط الطريق الدائري المزدحم بالسيارات، لحظة خروج الناس من أعمالهم، الله أكبر: وقع الفأس في الرأس، الله يهديك يا مدير ماذا فعلت؟ 40 كيلو مرة وحدة!! المهم وقفت وانتظرت دورية مرور، لعلها تنقذني من هذه الورطة، لكن لا وجود لها، قلت سبحان الله، لو أني كنت مسرعا لوجدتها في كل مكان، نزلت لأدفع السيارة وسط الزحام الشديد والشمس الحارة، والرطوبة، والناس يتفرجون وهم داخل سياراتهم الباردة، ولسان حالهم يقول: ودنا نساعدك لكن الوضع صعب يا أبو الشباب!! وبينما أنا في هذا الموقف المتأزم، وقف أحد الشباب الأخيار الشقردية «رجل بمعنى الكلمة» وساعدني في دفع السيارة حتى أبعدناها عن الطريق، ثم وقف شاب آخر، وثالث فقالوا: هل نساعد في شيء؟ قال الشاب الأول، سأحضر البنزين وأعود، وفعلا دقائق معدودة وانتهت الأزمة، شكرت الشاب ودعوت له في ظهر الغيب، وأخذت درسا أن أقف عند أول محطة لأتزود بالوقود عندما يضيء مؤشر البنزين، أما المدير الفاهم فسامحه الله. وختاما: هذا عهدي بالشباب وهذا ظني بهم، أما شباب جدة فأقول لهم شكرا شباب جدة، وهذه ليست غريبة عليكم، وفقكم ربي، وزوجكم، وأسعدكم. * لاعب دولي سابقا، وداعية إسلامي