دخلتُ البنك السعودي البريطاني في الرياض فتعرَّفتُ على شاب وسيم كنيته «الشمردل». سألته عن المعنى، تردد. ذهبت إلى صحاح اللغة لأكتشفَ أنَّ لاسمه حلاوة وعليه طلاوة: الشاب الوسيم الفتي. كان بجانبي رجل ما زال يحتفظ بنظارة سوداء على عينيه، لم يشأ رفعها، وذكَّرتني حركة وجهه بآية سورة لقمان «وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ» يبدو أنه كان هامور عقارات! كانت زاوية فكِّه السفلي قد ارتفعت عن الصدر 130 درجة. هذا المنظر ذكَّرني أيضا بطبيب اجتمعت به في جبال السروات يحافظ على نظارة سوداء وهو داخل المشفى في الجو المعتم. ذكَّرني بالقذافي وغيره ممَّن يخفون عيونهم؛ لأن العيون نافذة الروح. هل هؤلاء أغنياء أم فقراء مقرودون؟ اجتمعت بسوري متذمر، قال: أنا شقيٌّ في هذه الدنيا فقير الحال. قلت له: هل تعرف أنك غنيٌّ جداً ولكن لا تعلم. التفت إليَّ متعجباً وقال: كيف؟ قلتُ له: لنَقُمْ بمراهنةٍ معك؟ لنطلب منك أن تمنحنا إحدى كُليَتَيْكَ بمائة ألف ريال وتعيش بالثانية؟ هزَّ رأسَه وقال: يمكن. قلت له: إذن أنت عندك بنك ولا تعرف. لننتقلْ إلى بنك مؤتمن أكثر ثروة وغنى؟ قال كيف قلت له: لو أردنا، عفواً، أن نأخذ إحدى عينيك مقابل مائة ألف دولار أكنت بايعها؟ اضطرب وتحيَّر في الإجابة! قلت له: لنختصر عليك الإجابة أعطنا عينيك الاثنتين مقابل مليون دولار! ماذا تقول؟ إنها مليون دولار؟ هنا أُفحم وارتجَّ فلم يعد يعرف ماذا يقول! جاء في القرآن «وَوَقَعَ القولُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ». أو كما جاء في حجة إبراهيم «فبُهِت»! وصاحبنا أدرك حين عدَّدْنَا له نعم البصر والسمع والفهم والقدرة والإدراك ولذة الطعام والقدرة الجنسية أنها كنوزٌ لا يستغني عنها، وأنه يملك كل ثروات العالم وهو جاهل. أظنُّ أنَّ معظمَنا يُشبهُ هذا النائم عن الثروات.