أكدت الباحثة الأكاديمية في مجالات تقنيات التعليم الحديثة ندى جهاد الصالح، أن معظم بحوث الماجستير والدكتوراة أسيرة رفوف المكتبات، سواء في مكتبة الملك عبدالعزيز، أو مكتبة الأمير سلمان، وأصبحت هذه الرسائل مجرد مراجع لدراسات أخرى جديدة للباحثين، ولا يرى لها أي أثر فعلي في المجتمع، أو حتى تنسيق بين الوزارات والجهات الحكومية؛ لتسهيل مهمة الطلاب، خلال بحث المواضيع المطلوبة لتطوير هذه الجهات، وتعميم نتائج الدراسة والاستفادة منها. وأشارت الباحثة إلى أن هذه الدراسات هي مجرد اجتهادات فردية، وعن دراستها أوضحت، «كانت دراستي عن احتياجات الطالبات في تعلم الحاسب الآلي، دراسة مقارنة ما بين القرية والمدينة، وخلصت الدراسة إلى عدم وجود فروق واضحة بين طلاب القرية والمدينة، وأن احتياجاتهم متشابهة»، وعن تطبيق دراستها أو تفعيلها لمعالجة أوضاع الطالبات المستخدمات للحاسب الآلي، قالت الصالح: «لم تتم العودة لنتائج دراستي أو حتى الاستفادة منها لتصحيح واقع مدارس التعليم العام في استخداماتها للحاسب الآلي». عيّنات انتقائية واتفق مع سابقته في عدم تطبيق معظم البحوث المقدمة للدراسات العليا، أستاذ أصول الفقه، مدير مركز التميز البحثي في «فقه القضايا المعاصرة» في جامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور عياض بن نامي السلمي، موضحاً أن هناك فجوة بين رغبة الباحث والقادر على التنفيذ، منوهاً إلى أنه ليس من مهام الباحث التنفيذ، وإنما مجرد البحث، مضيفاً «الحاجة لدراسة موضوع معين للحصول على درجة علمية ربما تصرف الباحث عن المواضيع المهمة لمناقشتها، فيستعجل ويبحث موضوعاً غير مهم، لرغبته في الحصول على الدرجة العلمية في أسرع وقت، خاصة في الدراسات الإسلامية. وحول أسباب عدم التطبيق، يرى السلمي أنها عدم اقتناع المسؤولين في بعض الجهات الحكومية، أو صعوبة تطبيقها في بعض الأحيان، منوهاً إلى أن بعض الدراسات تختار «عينات انتقائية»، وليست عشوائية، وهذه لا تكون نتائجها دقيقة، وبالتالي لا تعتمد. موضحاً، «إذا تم التأكد من صحة أدوات الدراسة وسلامة البحث والنتائج، ينبغي أن يعتمدها المعني بالدراسة، كما ينبغي الاعتماد على دراسات المراكز العلمية البحثية، أكثر من دراسات الأفراد». وعن نماذج لدراسات وبحوث إسلامية وفقهية طبقت، بين السلمي، أن هناك دراسات إسلامية طبقت وكان لها تأثير كبير، فمثلاً الدراسات التي أجريت في المركز لدينا بما يتعلق بالعقوبات البديلة عن السجن، فُعّلت لدى المحاكم لدينا، وبعض القضاة بدأوا الأخذ بهذا التوجه، وأصبحت أحكامهم على أصحاب الجنح والقضايا التي لم تصل إلى جرائم كبرى، باستبدال السجن بالتعزيرات كنوع من التأديب، مثل تلخيص كتاب أو إلقاء خطبة، أو تنظيف دورات المياه في المساجد، وغيرها». مشيراً إلى أن هيئة كبار العلماء قبل أن يقوموا بدراسة أي موضوع للحكم عليه يطلبون منا بحوثاً تتعلق بحكمهم. التعلم عن بُعد وأكد عضو هيئة التدريس في قسم «تقنيات التعليم» في كلية التربية، في جامعة الملك سعود صالح العطيوي، أن التطور التقني في نظم إدارة التعلم الإلكتروني والتعلم عن بُعد، في مجال التعلم المفتوح، انتشر في عدد من الجامعات الحكومية، حيث أكد على ضرورة استخدام هذا النوع من التعليم أيضاً داخل القطاعات الحكومية لتطوير أداء منسوبيها، مشيراً إلى أن هذا النوع من التعليم أصبح مغنياً عن الدراسة البحثية التي تتطلب عمل دراسة أو بحث تخرج، التي في العادة لا تطبق ولا تفعل على أرض الواقع، ولا تغني عن حاجات المجتمع، عكس التعليم المفتوح الذي يصحح كثيراً من مسارات الحياة والمجتمع بشكل مباشر، مشيراً إلى الرسائل البحثية للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراة، وقال «المؤسف أنه لم تردنا أي مبادرة لتطبيق هذه الدراسات، وبالتالي لم تفدنا أي جهة حكومية أو خاصة أنها قامت بتطبيقها أو الاطلاع عليها، والحصول على نتائج معينة من هذا التطبيق». وبالنسبة لعدد الأبحاث الأكاديمية التي خرجت من القسم، خلال العام الماضي، بين أنها 75 مشروعاً بحثياً، ناقشت عدداً من المواضيع الحياتية، عن التغيرات التقنية، في الحاسب الآلي وبرامجه، وتطوير البرمجيات، أو الاستخدام الأمثل لنظم التعلم الإلكتروني، وفي التخطيط التقني، وهي مجالات بطبيعة الحال تلامس الواقع، وفي السنة الحالية أشرفوا على حوالي أربعين بحث تخرج لرسائل ماجستير ودكتوراة». الأبحاث التقنية وأوضح العطيوي أن الجهة التي يُطبق عليها البحث يجب أن تطلب من الباحث مرئياته وخلفياته التي خرج بها من هذه الجهة، كي تستفيد منه وتعمل على تصحيح بعض المسارات، ولأخذها بعين الاعتبار، ويجب أن تطلب نسخة من الرسالة، كونها أتاحت للباحث فرصة التطبيق، يجب أن ترى هذه الجهة أو تلك الأمور الإيجابية والسلبية الناتجة على حد سواء، وبالتالي تتم الاستفادة من البيئة التي تم إجراء التجربة أو البحث الميداني عليها». مؤكداً أنه لم يلمس أي بصيص أمل أن الجهات الأكاديمية أو الحكومية التي عملت دراسات طلابنا عليها، أنها استفادت من نتائج دراساتنا، وقال «الدليل بقاء هذه الجهات والبيئات التربوية على وجه الخصوص في تعاملاتها المختلفة بشكل غير صحيح حتى الآن». مشيراً إلى أن هذه الدراسات لها أهميتها، ولكن الخلل في الجهة التي يطبق فيها الباحث مشروعه، التي يجب أن تعمل على تلافي ما خرجت به الدراسة من سلبيات تجاه تلك البيئة. وعن الدراسات والأبحاث التي يجب أن تدرس خلال الفترة الحالية، التي تلامس حاجة المجتمع، أبان الدكتور صالح العطيوي، أن الذي يجب أن يُبحث ويناقش في الفترة الحالية هو عملية التقنية، يجب أن يدرس احتياج البيئة التعليمية من هذه التقنية، وعلى سبيل المثال، يجب خلال الفترة المقبلة مناقشة رسائل بحثية عن حاجة الطفل ومدى ملاءمته ومواكبته التقنية الطارئة حديثاً، والتعامل معها بشكل سليم ووفق احتياجاته». كما بين العطيوي أن بعض الباحثين يخرجون بدراسات تضر المجتمع، بسبب عدم إلمامهم بطرق وأساليب البحث العلمي الصحيح، أو لا يجيدون الإنجليزية، التي تعدّ مطلباً رئيسياً في كثير من الدراسات، حيث إن معظم الأبحاث والمعلومات الحديثة تأتي باللغة الإنجليزية.