يُقال أنه كان هناك غراب، رأى حمامة تمشي، فأُعجب بمشيتها لما فيها من هيبة وجمال، فقارن بين مشيته ومشيتها وفكّر في نفسه، ووجدها أفضل منه وبمراحل، فحاول أن يقلّد مشيتها، تدرّب و تدرّب وحاول مرة بعد أخرى ولكنه لم يستطع، وعندما يئس أراد العودة إلى مشيته القديمة، إلا أنه نسيها أيضاً، فلم ينجح بتقليد الحمامة ولم يستطع العودة إلى مشيته السابقة، ففقد هويته بالكامل ! أسرد هذه القصة وأنا أتذكر مباشرةً وزارة الصحة، عندما قامت بتقليد وزارة التربية والتعليم في حركة النقل لموظفيها، وهي تقلّد حرفياً وزارة التربية بكل شيء ، إلا أنها لم تنجح ! الآن مضى عامان تقريباً على هذه الحركة والنتيجة ( لم ينقل أحد ) في وزارة الصحة، على وزن ( لم ينجح أحد ) في وزارة التربية والتعليم !! ومازاد الطين بِله أن الوزارة ألغت الحركة المعمول بها بالسابق على عهد الوزير المانع ! لسبب واحد فقط لأن يقول الناس أن وزارة الصحة ( أتت بما لم تأت به الأوائلُ ) ، وهذه المعضلة الكبرى عندما يأتي وزير جديد لوزارة ما فإن أول قرارته هي إلغاء ماتمّ مسبقاً، ويبدأ من جديد، وهكذا منذ سنوات وسنوات ( والطاسة ضايعة ) مع سعادتهم! طبعاً أنا لم أتكلم عن الأخطاء الطبية أو نقص الكوادر الصحية في بعض المستشفيات أو نقص الأدوية كذلك أو الأسطوانة المشروخة ( مافيه سرير شاغر ) أو خريجي الدبلومات الصحية ومايعانونه من الأمرّين وهل المسؤول عنهم وزارة الصحة أو ديوان الخدمة ، ولكن تكلّمت عن ( موظفين غلابة ) كل أمانيهم أن ينقلوا إلى جانب أهاليهم فقط ، وكما تعلمون ماهو الفرق عندما يعمل موظف بجانب أسرته وعائلتة وبين مواطن يعمل ( في آخر الدنيا ) وتأثيره على أداء الموظف وإنتاجيته ! وبالنهاية يقولون ( السعودي مايشتغل زي الأجنبي ) ، الطامة الكبرى عندما تضع الوزارة رأسها برأس موظفيها الغلابة وتخترع أعذاراً بيروقراطية مملة ، أكل عليها الدهر وشرب ، وكأن لسان حالها ( إذا فيك خير انقل ) ، وكما يقولون إذا كان خصمك القاضي فمن تقاضي؟ نعم تبدو المسألة كذلك ، فأسهل جملة يرد عليك بها المسؤول عندما تريد النقل هي ( انتظر ) ، ولا أعلم ماهو مفهوم الانتظار لدى من يقبع خلف مكتب فاخر وفخم و يعج بأفضل أنواع الأثاث ويسكن بالقرب من عائلته، ومديرو مكتبه ليس لهم عدد بخلاف مستشاريه ومستشاري مستشاريه والنتيجة متواضعة!