بيروت – الشرق حزب الله يحارب المخدرات علناً ويجنِّد مهربيها سراً نسبة متعاطي حبوب الهلوسة ارتفعت في «مجتمع المقاومة» «حربٌ صامتة».. وصفٌ يناسب عمليات تهريب المخدرات بين لبنان وإسرائيل، فكل طرفٍ يستهدف خصمه ويحاول تدميره بالمواد المخدرة وتوظيف تهريب السموم للحصول على المعلومات العسكرية فيما يشبه معركة من دون استخدام للأسلحة. تاريخ طويل بدأت زراعة المخدرات في لبنان في عام 1927 خلال فترة الانتداب الفرنسي، وكانت البداية في جرود بلدة عيناتا في قضاء بعلبك، لكن العملية ما لبثت أن تطورت لتغزو جرود الهرمل وقرى القضاء كلها، كما انتشرت في قرى الجبل الشرقي بعيداً عن أنظار السلطات الحاكمة في تلك الأيام، فنشطت في تلك الفترة عمليات التهريب من لبنان تجاه مصر، عبر فلسطين التي كانت تحت سيطرة الانتداب البريطاني. وفي ثمانينيات القرن الماضي، وبعد نهاية الحرب الأهلية، بات لبنان من أكبر منتجي الهيروين والحشيش في العالم، لكن الإنتاج ما لبث أن انخفض في فترة التسعينيات. وبعد الانتصار الذي حققه حزب الله على الكيان الصهيوني في يوليو 2006، زادت وتيرة زراعة المخدرات في المناطق البقاعية في لبنان بشكل غير مسبوق حتى غدا لبنان، وفقاً لأحد التقارير، أحد أبرز البلدان المصدّرة لحشيشة الكيف والهيرويين على نطاق واسع. دور حزب الله في الشكل، كان حزب الله يحارب رسميّاً كل أنواع المخدرات، وفي التفصيل، تباينت أفكار قياديين أمنيين فيه حيال إمكانية توظيف هذه السموم في محاربة وتدمير الكيان الصهيوني، فضلاً عن استخدامها للحصول على معلومات عسكرية استخباراتية. ولهذه الغاية، اعتمد حزب الله مهرّبين جنّدهم، فكانت حرباً غير مُعلنة، أشبه بالحرب الباردة. هكذا بات «مجتمع المقاومة» مستهدفاً، فارتفعت نسبة متعاطي حبوب الهلوسة والمخدرات إلى درجة دفعت قيادة الحزب، وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصرالله، لقرع جرس الإنذار. الأمر نفسه انسحب على المجتمع الإسرائيلي الذي غرق المئات منه في الإدمان. خاض الخصمان حرباً صامتة، وتكلمت مصادر عسكرية إسرائيلية عن رعاية الجيش الإسرائيلي عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود بين لبنان وإسرائيل مقابل الحصول على معلومات استخبارية حول ما يحدث داخل لبنان. هجوم وهجوم مضاد، الاتهامات المتبادلة تتسع، فتذهب تصريحات كل من قائد القوة الخاصة لمكافحة تهريب المخدرات ووزير الأمن الداخلي وقائد لواء الشمال في إسرائيل إلى اتهام الطرف الخصم، وهكذا يفعل الحزب. استناداً على ما سبق، يتضح أن تهريب المخدرات هو واحدة من سياسات حزب الله في حربه الباردة لتدمير العدو.
اسم معروف «كايد محمد برو» من الجنوب اللبناني، اسمٌ معروف لدى السلطات العسكرية اللبنانية والإسرائيلية، عمل في تجارة السلاح وتهريب المخدرات عبر الحدود المشتركة. محمد برو وابنه كايد قدما كثيراً من المعلومات ل«حزب الله»، كما أسهم الابن في استدراج الكولونيل الإسرائيلي الحنان تننباوم ليخطفه حزب الله. وقد تم القبض على محمد برو، كبير العائلة فى إسرائيل، بتهمة أنه «أول من أدخل السم الأبيض إلى دولة إسرائيل»، فضلاً عن تهمة تهريب كمية ضخمة من المخدرات فحُكِمَ عليه بالسجن لمدة طويلة، وقد توفي برو الأب فى سجنه وأعيدت جثته إلى لبنان فى يناير 2004 فى إطار الصفقة المعروفة باسم (صفقة تننبويم) مع حزب الله. ومن جهةٍ لبنانية، أعلنت هيئة المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن نزار خليل، سجن ابنه كايد بالأشغال الشاقة المؤبدة وتجريده من حقوقه المدنية، وذلك بتهمة التعامل مع العدو والاتجار بالمخدرات وتهريبها إلى بلاد العدو. في المقابل، أصدر المدعو كايد محمد برو بياناً يقول فيه «لست عميلاً لإسرائيل وطالبت القاضي صقر صقر بتصحيح هذا الادعاء والافتراء، لاسيّما أنّني أعمل في مجال مكافحة العملاء وتحت راية المقاومة وسقف الدولة، ولعائلتنا تاريخ حافل بالإنجازات الوطنية التي غابت عن القاضي صقر، مما أدى إلى اتخاذ قرار كهذا»، وأضاف برو «معلوماتنا الخاصة تشير إلى أنّ الموساد كلف ضابطاً بدسّ الدسائس والتشهير بنا لإلحاق الأذى بنا وكسر وإبطاء أيّ عمل نقوم به ضده». ويعدّ كايد برو الآن مجرماً فاراً في نظر السلطات اللبنانية العسكرية، علماً بأن الفضل الأكبر يعود إليه في تحرير عشرات الأسرى اللبنانيين نتيجة عملية التبادل الشهيرة. اتهامات إسرائيلية بدورها، تتهم الشرطة الإسرائيلية حزب الله اللبناني ب»الوقوف وراء عمليات تهريب عشرات الكيلوات من مادة الحشيش والهيرويين المخدرة إلى إسرائيل». ويقول نائب قائد القوة الخاصة لمكافحة التهريب في إسرائيل جال بن إيشي، إن «مهمتهم هي تقليل تدفق المخدرات إلى إسرائيل»، متّهماً «حزب الله بالوقوف وراء عمليات التهريب». ويضيف بن إيشي «إنّ أعضاء الوحدة يبذلون جهوداً مضنية في الليل والنهار لمنع التهريب، متسلّحين بالمناظير الليلية والأسلحة ونصب كمائن للمهربين». وتبيَّن من معطيات إحصائية قدّمتها سلطة مكافحة المخدرات الإسرائيلية أن في إسرائيل قرابة 320 ألف شخص ما بين مدمن على المخدرات أو يتعاطاها بين الحين والآخر، وأن 60% منهم هم في سن ما بين 12 و18 عاماً. وفي السياق نفسه، نقل موقع صحيفة «هآرتس» الإلكتروني عن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي يتسحاق أهارونوفيتش، قوله خلال اجتماع للجنة مكافحة المخدرات التابعة للكنيست إن «الحدود بين إسرائيل ولبنان مخترقة لتهريب المخدرات، رغم وجود الشريط الحدودي ورغم محاولات الشرطة والجيش وقف عمليات تهريب المخدرات في هذه المنطقة». كما يقول قائد لواء الشمال في الشرطة الإسرائيلية داني كورن، إن عملية تهريب المخدرات إلى إسرائيل هي إحدى سياسات حزب الله لإغراق المجتمع الإسرائيلي بالمخدرات بهدف تدمير الشباب والمجتمع الإسرائيلي». وتحدث المسؤول الإسرائيلي عن «شراكة عربية – إسرائيلية بين تجار المخدرات العرب واليهود».